يقول الحقّ جلّ جلاله : يا عبادي اعبدوني بقلوبكم بالتوحيد والإيمان، وبجوارحكم بالطاعة والإذعان، وبأرواحكم بالشهود والعيان، فأنا الذي أظهرتكم من العدم - أنتم ومَن كان قبلكم - وأسبلت عليهم سوابغ النعم، الأرض تقلكم والسماء تظلكم، والجهات تكتنفكم، وأنزلت من السماء ماء فأخرجت به أصنافاً ﴿من الثمرات رزقاً لكم﴾، فأنتم جوهرة الصدق، تنطوي عليكم أصداف مكنوناتي، وأنتم الذين أطلعتكم على أسرار مكنوناتي، فكيف يمكنكم أن تتوجهوا إلى غيري ؟ وقد أغنيتكم بلطائف إحساني وبري، أنعمت عليكم أولاً بالإيجاد، وثانياً بتوالي الإمداد، خصصتكم بنور العقل والفهم، وأشرقت عليكم نبذة من أنوار القِدم، فبي عرفتموني، وبقدرتي عبدتموني، فلا شريك معي ولا ظهير، ولا احتياج إلى معين ولا وزير.
٦٥
الإشارة : توجه الخطاب إلى العارفين الكاملين في الإنسانية الذي يعبدون الله تعظيماً لحق الربوبية، وقياماً بوظائف العبودية، وفيهم قال صاحب العينية :
هُم الناسُ فالزمْ إنْ عَرفْتَ جَنَابَهُمْ
فَفِيهِم لِضُرِّ العالمين مَنَافعُ
وقال قبل ذلك :
همُ الْقَصْدُ للملهوفِ والكنزُ والرجَا
ومنهم يَنَالُ الصَّبُّ ما هُوَ طامعُ
بهِم يَهْتَدي للعينِ مَن ضَلَّ في العَمَى
بهِم يُجذَبُ العُشَّاقُ، والرَّبْعُ شاسعُ
جزء : ١ رقم الصفحة : ٦٥
هم القَصْدُ والمطلوبُ والسؤلُ والمنَى
واسْمُهُم لِلصَّبِّ في الحبِّ شَافعُ