يقول الحقّ جلّ جلاله : يا بني إسرائيل اذكروا نعمة أخرى أنعمت بها على أسلافكم، وأنتم عالمون بها، وذلك حين أنجيناكم من عذاب فرعون ورهطه، يولونكم أقبحَ العذاب وأشنعَه، كانوا يستعبدون رجالكم ونساءكم في مشاق الخدمة والمهنة، ولمّا أخبره الكهان أنه سيخرج منكم ولد يُخَرِّب ملكه، جعل يذبح ذكوركم ويترك نساءكم، وفي ذلكم محنة ﴿مِن رَّبِّكُمْ﴾ وابتلاء ﴿عَظِيمٌ﴾، أو في ذلك الإنجاء اختبار من ربكم عظيم، فاذكروا هذه النعمة، وتحصنوا بالإيمان بمحمد ﷺ من محنة أخرى، ولا ينفع حذرٌ من قدر، ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرَاً مَّقْدُوراً﴾ [الأحزَاب : ٣٨]. وبالله التوفيق.
الإشارة : لكل زمان فراعين وجبابرة يقطعون الناس عن الانقطاع إلى الله والدخول إلى حضرة الله، ﴿ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً﴾ [الكهف : ١٠٤]،
يقول الحقّ جلّ جلاله للذين تخلصوا منهم : اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم بها ؛ حيث أنجيتكم من فراعين زمنكم، ﴿يسومونكم سوء العذاب﴾ ؛ وهو البقاء في غم الحجاب، والانقطاع عن الأحباب، يقتلون ما ربيتم من اليقين في قلوبكم والمعرفة في أسراركم، ويستحيون شهواتكم وحظوظكم، ﴿وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم﴾. قال تعالى :﴿وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِى الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ...﴾ [الأنعَام : ١١٦]. وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٨٢
ثم ذكَّرهم الحق تعالى نعمة أخرى ؛ وهي فلق البحر وإغراق العدو، فقال :


الصفحة التالية
Icon