يقول الحقّ جلّ جلاله : للأوصياء :﴿ولا تؤتوا السفهاء﴾ التي تحت حضانتكم ﴿أموالكم﴾ أي : أموالهم التي في أيديكم، وإنما أضاف أموال اليتامى لهم حثًا على حفظها وتنميتها كأنها مال من أموالهم، أي : ولا تمكنوا السفهاء من أموالهم التي جعلها الله في أيديكم ﴿قيمًا﴾ لمعاشهم، تقومون بها عليهم، ولكن احفظوها، واتجروا فيها،
واجعلوا رزقهم وكسوتهم فيها باعتبار العادة، فإن طلبوها منكم فعدوهم وعدًا جميلاً، ﴿وقولوا لهم قولاً معروفًا﴾ أي : كلامًا لينًا بأن يقول له : حتى تكبر وترشد لتصلح للتصرف فيها. وشبه ذلك. وإنما قال :﴿وارزقوهم فيها﴾ دون " منها " ؛ لأن " فيها " يقتضي بقاءها بالتنمية والتجارة حتى تكون محلاً للرزق والكسوة دون " منها "، وقيل : الخطاب للأزواج، نهاهم أن يعمدوا إلى ما خولهم الله من المال فيعطوه إلى نسائهم وأولادهم، ثم ينظرون إلى أيديهم. وإنما سمَّاهن سفهاء استخفافًا بعقلهن، كما عبر عنهن بـ " ما " التي لغير العاقل.
وروى أبو أمامة عن النبي ﷺ أنه قال " إنما خُلقتْ النارُ للسفهاء ـ قالها ثلاثًا ـ ألا وإن السفهاءَ النساء إلا امرأة أطاعت قيِّمَها ". وقالت أمرأة : يا رسول الله : سميتنا السفهاء! فقال :" الله تعالى سماكن في كتابه " يشير إلى هذه الآية. وقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه :(ثلاثة يَدْعُون الله فلا يُستجاب لهم : رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجل دين فلم يُشْهِد عليه، ورجل أعطى سفيهًا ماله، وقد قال الله تعالى :﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾ ).
قلت : إنما مُنعوا إجابة الدعاء لتفريطهم في مراسم الشريعة. والله تعالى أعلم.