قال البيضاوي : ولعل ذكره للتنبيه على أن اختلاف ما سبق من الأحكام ليس للتناقض في الحكم، بل لاختلاف الأحوال من الحكم والمصالح. هـ. قال ابن جزي : وإن عَرَضَت لأحدٍ شبهةٌ وظن اختلافًا في شيء من القرآن، فالواجب أن يَتَّهِمَ نظره، ويسأل أهل العلم ويطالع تآليفهم، حتى يعلم أن ذلك ليس باختلاف. هـ.
الإشاره : تدبر القرآن على حساب صفاء الجنان، فبقدر ما يتطهر القلب من حب الدنيا والهوى تتجلى فيه أسرار كلام المولى، وبقدر ما يتراكم في مرآة قلبه من صور الأكوان، يتحجب عن أسرار معاني القرآن ؛ ولو كان من أكابر علماء اللسان. فلما كان القرآن هو دواء لمرض القلوب، أمر الله المنافقين بالتدبر في معاينة ؛ لعل ذلك المرض ينقلع عن قلوبهم، لكن الأقفال الت على القلوب مَنَعَت القلوبَ من فهم كلام علام الغيوب، فحلاوة كلام الله لا يذوقها إلا أهل التجريد، الخائضون في تيار بحار التوحيد،
٧٥
الذين صَفَت قلوبُهم من الأغيار، وتطهرت من الأكدار، يتمتعون أولاً بحلاوة الكلام، ثم يتمتعون ثانيًا بحلاوة وشهود المتكلم. والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٧٥
﴿وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىا أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ...﴾
قلت : استنبط الشيء : استخرجه من غيره، وأصل الاستنباط : إخراج النبط، وهو الماء، يخرج من البئر أول ما يحفر، والجار في ﴿منهم﴾ : إما بيان للموصول، أي : لعلم المستنبطون الذين هم أولو الأمر، أو يتعلق ب(علم)، أي : لعلمه الذين يستخرجونه إلى الناس من أولي الأمر.


الصفحة التالية
Icon