الإشارة : النفوس على ثلاثة أقسام : قسم مطلقة العنان في الجرائم والعصيان، وهي النفوس الأمارة، وإليها الإشارة بالآية قبلها، والله أعلم. وقسم مذبذبة ؛ تارة تظهر الطاعة والإذعان، تريد أن يأمنها صاحبها، وتارة ترجع إلى الغي والعصيان، مهما دعيت إلى فتنة وقعت فيها، فأم لم تنته عن ذلك، وتكف عن غيها، فالواجب جهادها وقتلها ؛ حتى تنقاد بالكلية إلى ربها، وأما النفس المطمئنة فلا كلام معها لتحقق إسلامها، فالواجب الكف عنها وحبها. والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٨٢
قلت :﴿وما كان لمؤمن﴾ النفي هذا بمعنى النهي، كقوله :﴿وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ﴾ [الأحزَاب : ٥٣]، و ﴿إلا خطًأ﴾ : استثناء منقطع، و ﴿خطأ﴾ : حال، أو مفعول من أجله، أو صفة لمصدر محذوف، أي : لا يحل له أن يقتل مؤمنًا في حال من الأحوال، لكن إن وقع خطّأ فحكمه ما يأتي، وقيل : متصل. انظر ابن جزي : أو : إلا قتلا خطّأ، و ﴿إلا أن يصدقوا﴾ : حال، أي : إلا حال تصدقهم، و ﴿توبة﴾ : مفعول من أجله، أي : شرع ذلك لأجل التوبة. أو، مصدر، أي : تاب عليكم توبة.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿وما كان﴾ ينبغي ﴿لمؤمن أن يقتل مؤمنًا﴾ مثله، أي : هو حرام عليه، ﴿إلاَّ﴾ أن يقتله ﴿خطًأ﴾ بأن ظنه كافرًا، أو رمى غيرَه فصادفه. والآية نزلت بسب قتل عياش بن ربيعة للحارث بن زيد، وكان الحارث يعذبه على الإسلام، ثم أسلم الحارث، وهاجر، ولم يعلم عياشُ بإسلامه، فقتله.
٨٣


الصفحة التالية
Icon