الإشارة : ومن يعمل سوءًا بالميل إلى الهوى، أو يظلم نفسه بالالتفات إلى السوى، أو من يعمل سوءًا بالهفوات والخطرات، أو يظلم نفسه بالغفلات والفترات، أو من يعمل سوءًا بالوقوف مع الكرامات وحلاوة الطاعات، أو يظلم نفسه بالقناعة من الترقي في الدرجات والمقامات، ثم يستغفر الله من حينه يجد الله غفورًا رحيمًا، حيث لم يُخرِجهُ من حضرته، ولم يتركه مع غفلته.
٩٧
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٩٧
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿ومن يكسب إثمًا﴾ كسرقة أو يمين فاجرة، أو رمى غيره بجريمة، ﴿فإنما يكسبه على نفسه﴾ لا يتعدى ضررها إلى غيره، ﴿وكان الله عليمًا﴾ بسرائر عباده ﴿حكيمًا﴾ في إمهالهم وسترهم، ﴿ومن يكسب خطيئة﴾ أي : جريمة تتعدى إلى ضرر غيره، ﴿أو إثمًا﴾ يختص بنفسه، ﴿ثم يَرمِ به بريئًا﴾ منه، كما رمى طُعمَةُ زيدًا اليهوديِّ، ﴿فقد احتمل بهتانًا﴾ وهو أن يبهت الرجل بما لم يفعل، ﴿وإثمًا مبينًا﴾ أي : ذنبًا ظاهرًا، لا يخفى قبحه وبشاعته.
الإشارة : الإثم : ما حاك في الصدر وتلجلج فيه، ولم ينشرح إليه الصدر، وضده البر ؛ وهو ما ينشرح إليه الصدر ويطمئن إليه القلب، فكل من فعل شيئًا قد تلجلج قلبه منه ولم يقبله ؛ نقص من نوره، وأظلم قلبه منه، وإليه الإشارة بقوله :﴿ومن يكسب إثمًا...﴾ الآية، أي : فإنما يُسَوِّدُ به نور نفسه وروحه، ومن تلبَّس بذنب أو عيب، ثم برح به غيرَه من باب سُوءِ الظن ﴿فقد احتمل بهتانًا وإثمًا مبينًا﴾ لأن الواجب على المريد السائر أن يشهد الصفاء من غيره، ويُقصر النقصَ على نفسه، والواصل يرى الكمال في كل شيء لمعرفته في كل شيء. والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٩٧
قلت : الجارّ في قوله :﴿من شيء﴾، في موضع نصب على المصدر، أي : لا يضرونك شيئًا من الضرر.