الإشارة : كل من خالف شيخه، وسلك طريقًا غير طريقة ؛ ولاه الله ما تولى، واستدرجه من حيث لا يشعر، وقد تؤخر العقوبة عنه فيقول : لو كان هذا فيه سوء أدب مع الله، لقطع الإمداد وأوجب البعاد، وقد يقطع عنه من حيث لا يشعر، ولو لم يكن إلا وتخليته وما يريد. وبالجملة : فالخروج عن مشايخ التربية والانتقال عنهم، ولو إلى من هو أكمل في زعمه، بعد ما ظهر له الفتح والهداية على يديه ؛ طردٌ وبعدٌ، وإفساد لبذرة الإرادة، فلا نتيجة له أصلاً. والله تعالى أعلم. وبالله التوفيق.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٠٠
قلت : المَرِيد والمارد ؛ هو الذي لا يعلق بخير، وأصل التركيب للملابسة، ومنه : صرح ممرَّد، وغلام أمرد، وشجرة مردى، أي : سقط ورقها. قاله اليضاوي. هـ. وقيل : المريد : الشديد العاتي، الخارج عن الطاعة.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿إنْ يدعون﴾ : ما يعبدون ﴿من دونه﴾ تعالى ﴿إلا إناثًا﴾ كاللات والعزى ومناة، فإن ألفاظها مؤنثة عندهم، أو لأنها جوامد لا تعقل، فهي منفعلة لا فاعلة، ومن حق المعبود أن يكون فاعلاً غير منفعل، أو يريد الملائكة ؛ لأنهم كانوا يعبدونها، ويزعمون أنها بنات الله، وما يعبدون في الحقيقة ﴿إلا شيطانًا مريدًا﴾ عاصيًا، لأنه هو الذي أمرهم بها، وأغراهم عليها، وكان يكلمهم من أجوافها.
ثم وصفه بأوصاف تُوجب التنفير عنه فقال :﴿لعنه الله﴾ أي : أبعده من رحمته ﴿وقال لأتخذنّ من عبادك نصيبًا مفروضًا﴾ أي : مقطوعًا فرضته لنفسي، من قولهم : فرض له في العطاء، أي : قطع، ﴿ولأضلنّهم﴾ عن الحق ﴿لأمنينّهم﴾ الأماني الباطلة، كطول الحياة، وألاَّ بعث ولا عقاب، ﴿ولآمرنهم فليبتكنّ آذان الأنعام﴾ أي : يشقونها
١٠١


الصفحة التالية
Icon