الإشارة : يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود التي عقدتموها على نفوسكم في حال سيركم إلى حضرة ربَكم، من مجاهدة ومُكابَدة، فمَن عقد عقدة مع ربّه فلا يحلّها، فإن النفس إذا استأنست بحلّ العقود لم ترتبط بحال، ولعبت بصاحبها كيف شاءت، وأوفوا بالعقود التي عقدتموها مع أشياخكمْ بالاستماع والاتّباع إلى مماتكم، وأوفوا بالعقود التي عقدها عليكم الحق تعالى، من القيام بوظائف العبودية، ودوام مشاهدة عظمة الربوبية، فإن أوفيتم بذلك، فقد أُحِلَّت لكم الأشياء كلها تتصرّفون فيها بهِمّتكم ؛ لأنكم إذا كنتم مع المُكَوِّن كانت الأكوان معكم. إلا ما يُتلَى عليكم مما ليس من مقدوركم مما أحاطت به أسوار الأقدار، " فإن سوابق الهِمَم لا تخرق أسوار الأقدار "، غير مُتَعَرِّضين لشهود السّوى وأنتم في حرم حضرة المولى، والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٣٩
قلت : الشعائر : جمع شَعيرة، وهي اسم ما أشعر، أي : جعل علامة على مناسك الحج ومواقفة و ﴿لا يجرمنّكم﴾ أي : يحملنّكم، أو يكسبنّكم، يُقال : جرم فلان فلانًا هذا الأمر، إذا أكسبه إيّاه وحمله عليه. والشنآن : هو البغض والحقد، يقال : بفتح النون وإسكانها، و ﴿أن صدّوكم﴾ مفعول من أجله، و ﴿أن تعتدوا﴾ مفعول ثانٍ ليحرمنّكم. ومَن قرأ :( إن صدّوكم)، بالكسر فشرط، أغنى عن جوابه :﴿لا يجرمنّكم﴾.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿يا أيها الذين آمنوا لا تُحِلّوا شعائر الله﴾ أي : لا تستحلّوا شيئًا من ترك المناسك، وذلك أن الأنصار كانوا لا يسعون بين الصفا والمروة، وكان أهل مكة لا يخرجون إلى عرفات، وكان أهل اليمن يرجعون من
١٤٠


الصفحة التالية
Icon