وقيل : نزلت في قضية غَورث، وذلك أن النبي ﷺ كان ببطن نخلة حاصرًا لغطفان، فقال رجل منهم : هل لكم في أن أقتل محمدًا فأفتك به ؟ قالوا : وددنا ذلك، فأتى النبيَّ ﷺ متقلدًا سيفه، فَوجد النبي ﷺ نازلاً تحت شجرة قد تفرق أصحابه عنه، وقد علق سيفه في الشجرة، فسله الأعرابي، وقال : من يمنعك مني ؟ وفي رواية : وجد النبي ﷺ نائمًا فاستل السيف، فما استيقظ النبي إلا والسيف في يد الأعرابي، فقال : من يمنعك من يا محمد ؟ فقال :" الله "، فأسقطه جبريل من يده، وأخذه النبي ﷺ فقال :" وأنت، من يمنعك مني ؟ " فقال : كن خير آخذ، فعفى عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ. زاد البيضاوي : أنه أسلم.
وقيل نزلت في صلاة الخوف حين همَّ المشركون أن يُغِيرُوا على المسلمين في الصلاة. فالله تعالى أعلم.
ثم قال تعالى :﴿واتقوا الله﴾ فلا تشهدوا معه سواه، وتوكلوا عليه يكفكم أمر عدوكم، ﴿وعلى الله فليتوكل المؤمنون﴾ فإنه يكفيكم أمرهم جلبًا ودفعًا، من توكل على الله كفاه.
الإشارة : ما جرى على النبي ﷺ من قصد القتل والإذاية يجري على خواص ورثته، وهم الأولياء ـ رضي الله عنهم ـ والعلماء الأتقياء، فقد هَمَّ قوم بقتلهم وسجنهم وضربهم، وإجلائهم من أوطانهم، فكف الله أيديهم عنهم، وكفاهم شرهم، لمّا صححوا
١٥٣
التوكل عليه، وأخلصوا الوجهة إليه، ومنهم من لحقه شيء من ذلك، كما لحق بعض الأنبياء ـ عليهم السلام ـ زيادة في شرفهم وكرامتهم، جمع الله لهم بين مقام الشهادة والصديقية، ﴿والله ذو الفضل العظيم﴾.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٥٣
قلت : النقيب : هو كبير القوم والمقدَّم عليهم، ينقب عن أحوالهم ويفتش عليها. والخائنة : إما مصدر ؛ كالعاقبة واللاغية، أو اسم فاعل، والتاء للمبالغة، مثل : رواية ونسَّابة وعلاَّمة.