قلت : ولعل تحرّج أخيه من قتله ؛ لأنه حين قصد قتله لم يُظهِر كفره، وظهر بعد ذلك، فلذلك قاتله أخوه شيت بعد ذلك وأسره، وذكر الثعلبي : أن قابيل لما طرده أبوه، أخذ بيد أخته أقليمًا، فهرب بها إلى أرض اليمن، فأتاه إبليس فقال له : إنما أكلت النار قربان هابيل، لأنه كان يخدم النار ويعبدها، فانصب أنت أيضًا نارًا تكون لك ولعقبك، فبنى بيت نار، وهو أول من عبد النار. هـ. فهذا صريح في كفره. والله تعالى أعلم.
الإشارة : إذا كان الحق جل جلاله يدل العصاة من عباده إذا تحيروا على ما يزيل حيرتهم، فكيف لا يدل الطائعين إذا تحيروا على ما يزيل شبهتهم، إذا فزعوا إليه والتجأوا إلى حماه ؟ ! فكل من وقع في حيرة دينية أو دنيوية وفزع إلى الله تعالى، مضطرًا إليه، فلا شك أن الله تعالى، مضطرًا إليه، فلا شك أن الله تعالى يجعل له فرجًا ومخرجًا من أمره، إما بواسطة أو بلا واسطة. كن صادقًا تجد مرشدًا، ﴿فَلَوْ صَدَقُواْ اللهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ﴾ [محَمَّد : ٢١]. والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٦٨
﴿مِنْ أَجْلِ ذالِكَ كَتَبْنَا عَلَىا بَنِيا إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً...﴾
قلت :﴿من أجل ذلك﴾ : يتعلق بكتبنا، فيوقف على ما قبله، وقيل : بالنادمين، فيوقف على ﴿ذلك﴾، وهو ضعيف، قاله ابن جزي، وأصل ﴿أجْل﴾ : مصدر أجُل
١٦٩
يأجل، كأخذ يأخذ، أجلاً، أي : جنا جناية، استعمل في تعليل الجنايات، ثم اتسع فيه، فاستعمل في كل تعليل.