يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿قل﴾ يا محمد :﴿يا أهل الكتاب﴾، اليهود والنصارى، ﴿لستم على شيء﴾ أي : لستم على دين يعتد به، ﴿حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أُنزل إليكم من ربكم﴾ على لسان محمد ﷺ، ومن إقامتها الإيمان بمحمد ﷺ والإذعان لحكمه، فإن الكتب الإلهية بأسرها، أمرت بالإيمان والإذعان، لمن صدقته المعجزة، وهي ناطقة بوجوب الطاعة له، والمراد بإقامة الكتابين : إقامة أصولهما وما لم ينسخ من فروعهما، لا جميعهما. والله تعالى أعلم.
الإشارة : ما قيل لأهل الكتاب يقال لهذه الأمة المحمدية على طريق الإشارة، فيقال لهم : لستم على شيء، يُعبَأ به من أعمالكم وأحوالكم، حتى تقيموا كتابكم القرآن، فتحلوا حلاله، وتحرموا حرامه، وتقفوا عند حدوده، وتمتثلوا أوامره، وتجتنبوا نواهيه، وتقيموا ـ أيضًا ـ سنة نبيّكم ؛ فتقتدوا بأفعاله، وتتأدبوا بآدابه، وتتخلقوا بأخلاقه، على جهد الاستطاعة، ولذلك قال بعض السلف : ليس عليّ في القرآن أشد من هذه الآية :﴿قل يا أهل الكتاب لستم على شيء﴾ الآية. كما في البخاري.
١٩٩
ثم ذكر عتوّ اليهود وطغيانهم، فقال :
﴿... وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ مَّآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾