يقول الحقّ جلّ جلاله : وعاشروا النساء ﴿بالمعروف﴾ بأن تلاطفوهن في المقال وتجملوا معهن في الفعال، أو يَتَزَيَّنُ لها كما تتزين له. قال الورتجبي : كونوا في معاشرتهن في مقام الأنس وروح المحبة، وفرح العشق حيث أنتم مخصوصون بالتمكين والاستقامة والولاية، فإن معاشرة النساء لا تليق إلا في المستأنس بالله، كالنبي ﷺ وجميع المستأنسين من الأولياء والأبدال، حيث أخبر ﷺ عن كمال مقام أُنْسِه بالله ورؤيته لجمال مشاهدته حيث قال :" حُبِّبَ إليّ من دنياكم ثَلاث : الطيب، والنساء، وجُعلت قرة عيني في الصلاة ". ثم قال : عن ذي النون : المستأنس بالله يستأنس بكل شيء مليح ووجه صبيح، وبكل صوت طيب وبكل رائحة طيبة، ثم قال : عن ابن المبارك : العشرة الصحيحة : ما لا يورثك الندم عاجلاً ولا آجلاً، وقال أبو حفص : المعاشرة بالمعروف : حسن الخلق مع العيال فيما ساءك. هـ.
﴿
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٣
فإن كرهتموهن﴾
فاصبروا ﴿فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا﴾ إما ولدًا صالحًا أو عاقبة حسنة في الدين. قال ابن عمر : إن الرجل يستخير الله فيخار له فيسخط على ربه، فلا يلبث أن ينظر في العاقبة فإذا هو قد خير له. هـ. حكى أن أبا الإمام مالك رضي الله عنه تزوج امرأة فدخل عليها فوجدها سوداء، فبقي متفكرًا ولم يقربها، فقالت له : هل استخرت ربك ؟ فقال : نعم، فقالت : أتَتَّهمُ ربك، فدخل بها، فحملت بالإمام مالك صاحب المذهب. وقال ﷺ :" لا يَفْرك مؤمنٌ مَؤمنة ـ أي : لا يُبْغِضها ـ إن سخط منها خُلقَا رضي منها آخر " قال الورتجبي : قيل : غيب عنك العواقب ؛ لئلا تسكن إلى مألوف، ولا تفر من مكروه.


الصفحة التالية
Icon