يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿والذين كذبوا بآياتنا﴾ الدالة على كمال قدرتنا وتحقيق وحدانيتنا، أو بآياتنا المنزلة على رسولنا، هم ﴿صمٌّ﴾ لا يسمعون مثل هذه الآيات ـ الدالة على ربوبيته وكمال علمه وعظيم قدرته ـ سماعًا تتأثر به نفوسهم، ﴿و﴾ هم أيضًا ﴿بُكم﴾ لا ينطقون بالحق، وهم ﴿في الظلمات﴾ أي : خائضون في بحر ظلمات الكفر والجهل، وظلمة العناد، وظلمة التقليد، فوصفهم بالصمم والبَكَم والعَمى، ويؤخذ العمى من قوله :﴿في الظلمات﴾، وهذا كله داخل تحت مشيئته وعلمه السابق ؛ ﴿من يشأ الله يُضلله﴾ عدلاً، ﴿ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم﴾ ؛ بأن يرشده إلى الهدى ويحمله عليه، فيتبع الطريق الذي لا عوج فيه.
الإشارة : أولياء الله في أرضه من آيات الله، فمن كذب بهم بقي في ظلمة الجهل بالله وظلمة حجاب النفس وحجاب الأكوان، محجوبًا بمحيطاته، محصورًا في هيكل ذاته، قلبه أصم عن تَذَكُّرِ الحقائق، ولسانه أبكم عن النطق بحكم العلم والأسرار، لم تسبق له في مشيئة الحق عناية، ولا هَبَّ عليه شيءٌ من رياح الهداية، عائذًا بالله من سوء القضاء ودرك الشقاء.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٥٤
قال في المشارق : أرأيتك : معناه : الاستخبار والاستفهام، أي : أخبرني عن كذا، وهو بفتح التاء في المذكر والمؤنث والواحد والجمع، تقول : أرأيتك وأرأيتكما وأرأيتكم، ولم تُثَن ما قبل علامة المخاطب ولم تَجمعَهُ، فإذا أردت معنى الرؤية ـ أي البصرية ـ ثَنيت وجمعت وأنثت، فقلت : أرأيتك قائمًا، وأرأيتُكِ قائمة، وأرأيتكما وأرأيتموكم وأرأيتيكن. هـ. وقال في الإتقان : إذا دخلت الهمزة على " رأيت " امتنع أن يكون من رؤية العين والقلب، وصار المعنى : أخبرني، وهو خلاف ما قال في المشارق، فانظره وانظر الحاشية الفاسية.


الصفحة التالية
Icon