﴿وكذَّب به قومك﴾ أي : بالعذاب، أو بالقرآن، ﴿وهو الحق﴾ أي : الواقع لا محالة، أو الصدق في أخباره وأحكامه، ﴿قل لست عليكم بوكيل﴾ أي : وكُل إليَّ أمركم فأمنعكم من التكذيب، أو أجازيكم، إنما أنا منذر، والله هو الحفيظ. ﴿لكل نبأ﴾ أي : خبرٍ بعذاب أو إيعاد به، ﴿مستقر﴾ أي : وقت استقراره ووقوعه، يعرف ـ عند انقضائه ـ صدقة من كذبه، ﴿وسوف تعلمون﴾ ما يحل بكم عند وقوعه في الدنيا والآخرة.
الإشارة : الخطاب للمريدين السائرين، أو الواصلين. خوفهم بأن يحول بينهم وبين شهود عظمته الفوقية والتحتية، فينزل عليهم عذاب الفرق من جهة العلو أو السُّفل، فلا يشهدون إلا الأكوان محيطة بهم، أو يخالف بين وجوههم ويلبسهم شيعًا، فإذا تفرقت الوجوه تفرقت القلوب غالبًا، والعياذ بالله، لأن الفتح والنصر مرتب على الجمع، قال تعالى :﴿قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ﴾ [سَبَأ : ٢٦]. قال القشيري : فيه إشارة إلى أن الجمع مُؤذِن بالفتح. هـ. فينبغي للمريد أن يشهد الصفاء في الجميع، ويتودد إلى الجميع، حتى لا يبقى معه فرق. والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٦٨
﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيا آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىا يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَـاكِن ذِكْرَىا لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا...﴾
قلت :﴿ولكن ذكرى﴾ : مفعول بمحذوف، أي : يذكرونهم ذكرى، أو مبتدأ، أي : عليهم ذِكرَى.