الاشارة : إذا أراد الله بقومٍ خيرًا جعل الخير في أكابرهم : فيجعل أُمراءهم عُدولاً حُلَماء، وعلماءهم زهَّادًا أعفَّاءً، وأغنياءهم رحماء أسخياء، وصُلحاءهم قانعين أغنياء، وإذا أراد بهم شرًا جعل الشر في كبرائهم، فيجعل أمراءهم فجارًا يحكمون بالهوى، وعلماءهم حراصًا جامعين للدنيا، وأغنياءهم أشحاء قاسية قلوبهم، وصلحاءهم طماعين في الناس، منتظرين لما في أيديهم، فبهؤلاء يصلح الدين إذا صلحوا، ويفسد إذا فسدوا، وفي ذلك يقول ابن المبارك رحمه الله :
وَهَل أفسَدَ الدِّينَ إلا المُلُوكُ
وأحبارُ سُوءٍ وَرُهبَانُها
٣٠٤
وقد تقدم تمامه في تفسير سورة البقرة. وبالله التوفيق.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٠٤
قلت :﴿حيث﴾ : مفعول بفعل مقدر، لا بأعلم ؛ لأن أفعل التفضيل لا ينصب المفعول به، أي : يعلم حيث يجعل رسالته، أي : يعلم المكان الذي يصلح للرسالة، إلا إن أوِّلَ أفعل بما لا تفضيل فيه، فينتصب المفعول به، ويحتمل أن يكون هذا منه، قال أبو حيان : ويحتمل أن تكون حيث على بابها من الظرفية المجازية، ويُضَمَّنُ أعلم معنى يتعدى إلى الظرف، والتقدير : الله أنفذ علمًا حيث يجعل رسالته. انظر المحشي.


الصفحة التالية
Icon