ثم صرح بالتهديد فقال :﴿فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار﴾ أي : أيُّنا تكون له العاقبة الحسنى التي خلق الله لها هذه الدار، أي : وهي الدار الآخرة، أو : فسوف تعرفون الذي تكون له عاقبة سكنى الدار الآخرة والنعيم المقيم، أو : من تكون له عاقبة هذه الدار بالنصر والظهور على الأديان ـ أنا أو أنتم، وفيه إنصاف في المقال حال الإنذار، وحسن الأدب، وتنبيهٌ على وثوق المنذِر لأنه محق. قال تعالى ﴿إنه﴾، أي : الأمر والشأن، ﴿لا يُفلح الظالمون﴾، والظلم أعلم من الكفر، ولذلك وضُع موضعه ؛ لعمومه.
الإشارة : إذا انكب الناس على الدنيا، وأخذتهم الغفلة، وغلب عليهم الهوى، ثم وقع الوعظ والتذكير من أهل الإنذار، فقابَلوهم بالإبعاد والإنكار، يقول لهم المذكور والواعظ :﴿يا قوم اعلموا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار...﴾ الآية.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣١١
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿وجعلوا﴾ أي : مشركو العرب، ﴿لله مما ذرأ﴾ أي : خلق، ﴿من الحرث والأنعام نصيبًا﴾، وهم حي من خولان، يقال لهم : الأديم، كانوا
٣١٢
يجعلون من زروعهم وثمارهم وأنعامهم نصيبًا، ﴿فقالوا هذا لله بزعمهم﴾ أي : بدعواهم من غير دليل، وأكثر ما يستعمل الزعم في الكذب، ﴿وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يَصِلُ إلى الله وما كان لله فهو يَصِلُ إلى شركائهم﴾.