فلا تجتمع المحبة في محبوب واحد إلا بعد كمال معرفة المحبوب، وشهود أنوار جماله وكمال أسراره. والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٣٥
قلت :﴿كم﴾ : خبرية، مفعول ﴿أهلكنا﴾، وهو على حذف الإرادة، أي : في الحال أردنا إهلاكها، و ﴿بياتًا أو هم قائلون﴾ : حالان، أي : بائتين أو قائلين، وأغني الضمير في ﴿هم﴾ عن واو الحال.
يقول الحقّ جلّ جلاله : كثيرًا من القرى ﴿أهلكناها﴾ لما عصت أمرنا، وخالفت ما جاءت به رسلنا، ﴿فجاءها بأسُنَا﴾ أي : عذابنا ﴿بياتًا﴾ أي : ليلاً، كقوم لوط ؛ قلبت مدينتهم، عاليها سافلها، وأرسلت عليهم الحجارة بالسَّحَر، ﴿أو هم قائلون﴾ نصف النهار، كقوم شعيب، نزلت عليهم نار فأحرقتهم، وهو عذاب يوم الظلمة، وإنما خص الوقتين ؛ لأنهما وقت دعة واستراحة، فيكون مجيء العذاب فيهما أفظع.
﴿فما كان دعواهم﴾ أي : دعاؤهم واستغاثتهم حين جاءهم بأسنا، ﴿إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين﴾ أي : إلا اعترافهم بظلمهم فيما كانوا عليه وبطلانه، تحسرًا، أو : ما كان دعاؤهم إلا قولهم :﴿يَا وَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ، فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىَ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ﴾ [الأنبياء : ١٤، ١٥] : ميتين، فإذا أحييناهم وبعثناهم من قبورهم، فوالله ﴿لنسألن الذين أُرسل إليهم﴾ عن قبول الرسالة وإجابة الرسل، ﴿ولنسألن المرسلين﴾ عما
٣٣٦
أُجيبوا به، والمراد بهذا السؤال : توبيخ الكفرة وتقريعهم، وأما قوله تعالى :﴿وَلاَ يُسْئَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾ [القَصَص : ٧٨]، فالمنفي : سؤال استعلام ؛ لأن الله أحاط بهم علمًا، أو الأول في موقف الحساب، وهذا عند حصول العقاب.