الإشارة : ما أهلك الله قومًا وعذبهم إلا بتضييع الشرائع أو إنكار الحقائق، فمن قام بهما معًا كان مصحوبًا بالسلامة، موصوفًا بالكرامة في الدارين، ومن ضيعهما أو أحدهما لحقه الوبال في الدارين، فإذا لحقه إهلاك لم يسعه إلا الإقرار بالظلم والتقصير، حيث فاته الحزم والتشمير، فإذا ندم لم نفعه الندم، حيث زلت به القدم، فالبدارَ البدارَ إلى التوبة والانكسار، والتمسك بشريعة النبي المختار، والتحقق بمعرفة الواحد القهار، وصحبة الصالحين الإبرار، والعارفين الكبار، قبل أن تصير إلى قبرك فتجده إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار.
وكما أن الحق تعالى يسأل الرسل عما أُجيبوا به، يسأل خلفاءهم ـ وهم الأولياء والعارفون ـ عما إذا قُوبلوا من تعظيم أو إنكار، فيرفع من عظمهم في أعلى عليين، ويحط من أنكرهم في محل أهل اليمين. وبالله التوفيق.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٣٦
قلت :﴿الوزن﴾ : مبتدأ، و ﴿يومئذٍ﴾ : خبره، و ﴿الحق﴾ : صفته، أي : الوزن العدل حاصل يومئذٍ.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿والوزن﴾ أي : وزن الأعمال، على نعت الحق والعدل، حاصل يوم القيامة، حين يسأل الرسل والمُرسل إليهم. والجمهور على أن صحائف الأعمال تُوزن بميزان له لسان وكفتان، ينظر إليه الخلائق ؛ إظهارًا للمعدلة وقطعًا للمعذرة، كما يسألهم عن أعمالهم، فتعترف بها ألسنتهم، وتشهد بها جوارحهم، ويؤيده ما رُوِي :" أن الرجل يُؤتى به إلى الميزان، فيُنشَر عليه تسعَةٌ وتِسعُونَ سِجلاًّ، كُلُّ سِجِلًّ
٣٣٧


الصفحة التالية
Icon