﴿وريشًا﴾ أي : ولباسًا فاخرًا تتجملون به ﴿ولباسُ﴾ أي : وأنزلنا عليكم لباس ﴿التقوى﴾، وهي خشية الله تعالى، أو الإيمان، أو السمت الحسن، واستعار لها اللباس ؛ كقولهم : ألبسك الله لباس تقواه، وقيل : لباس الحرب. ومن قرأ بالرفع ؛ فخبره :﴿ذلك خير﴾ أي : لباس التقوى خير من لباس الدنيا ؛ لبقائه في دار البقاء دون لباس الدنيا ؛ فإنه فانٍ في دار الفناء، ﴿ذلك﴾ أي : إنزال اللباس من حيث هو خير ﴿من آيات الله﴾ الدالة على فضله ورحمته، ﴿لعلهم يذَّكَّرون﴾ فيعرفون نعمه، فيشكرون عليها، أو يتعظون فينزجرون عن القبائح.
الإشارة : اللباس الذي يواري سوءات العبودية ـ أي : نقائصها ـ هي أوصاف الربوبية ونعوت الألوهية ؛ من عز وغنى، وعظمة وإجلال، وأنوار وأسرار، التي أشار إليها في الحكم بقوله :" لو كنت لا تصل إليه إلا بعد فناء مساوئك، ومحو دعاويك، لم تصل إليه أبدًا، ولكن إذا أراد أن يُوصلك إليه غطى وصفك بوصفه، ونعتك بنعته، فوصلك بما منه إليك، لا بما منك إليه ". والريش هو بهجة أسرار المعاني التي تغيب ظلمة الأواني، أو بهجة الأنوار التي تُفني الأغيار، ولباس التقوى هي حفظه ورعايته لأوليائه في الظاهر والباطن مما يكدر صفاءهم أو يطمس أنوارهم. والله تعالى أعلم.
٣٤٥
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٤٥


الصفحة التالية
Icon