قال تعالى :﴿قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا﴾، ويشاركهم فيها الكفار، ويوم القيامة تكون ﴿خالصة﴾ لهم دون غيرهم، ﴿كذلك نُفصّل الآياتِ﴾ أي : كتفصيلنا هذا الحكم نُفصل سائر الأحكام ﴿لقوم يعلمون﴾ فينزلونها في محلها بخلاف الجهال.
﴿قل إنما حرَّم ربي الفواحشَ﴾ ؛ وهي ما تزايد قبحها من المعاصي، وقيل : ما يتعلق بالفروج، ﴿ما ظهرَ منها وما بَطَنَ﴾ أي : جهرها وسرها، أو ما يتعلق بالجوارح الظاهرة والعوالم الباطنية وهي القلوب، ﴿والإثم﴾ ؛ كقطع الرحم، أو عام في كل ذنب، ﴿والبغيَ﴾ ؛ وهو الظلم ؛ كقطع الطريق والغصب، وغير ذلك من ظلم العباد، أو التكبر على عباد الله ؛ وقوله :﴿بغير الحق﴾ : تأكيد له في المعنى. ﴿وأن تُشركوا الله ما لم يُنزل به سُلطانًا﴾ أي : حجة على استحقاق العبادة، وهو تهكم بالمشركين، وتنبيهٌ على تحريم ما لم يدل عليه برهان. ﴿وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون﴾ من الإلحاد في صفاته، والافتراء عليه ؛ كقولهم :﴿وَاللهُ أَمَرَنَا﴾ [الأعراف : ٢٨]، و ﴿لَوْ شَآءَ اللهُ مَآ أَشْرَكْنَا﴾ [الأنعَام : ١٤٨].
﴿
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٤٨
ولكل أمة أجل﴾
أي : مدة ووقت لنزول العذاب بها إن لم يؤمنوا، وهو تهديد لأهل مكة، ﴿فإذا جاء أجَلُهم﴾ أي : انقرضت مدتهم، أو دنى وقت هلاكهم، ﴿لا يستأخرون ساعةَ﴾ عنه ﴿ولا يستقدمون﴾ أي : لا يتأخرون ولا يتقدمون عنه أقصَر وقت، أو لا يطيقون التقدم والتأخر لشدة الهول، وجعل بعضهم :﴿ولا يستقدمون﴾ استئنافًا ؛ لأن الأجل إذا جاء لا يتصور التقدم، وحينئذٍ يوقف على :﴿ساعة﴾، ثم يقول : ولا هم يستقدمون عنه قبل وصوله.
٣٤٩


الصفحة التالية
Icon