يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿يا بني آدم﴾ مهما ﴿يأتينكم رسل منكم يقصُّون عليكم آياتي﴾ الدالة على توحيدي ومعرفتي، ﴿فمن اتَّقَى﴾ الشرك والتكذيب، و ﴿أصلح﴾ فيما بيني وبينه، منكم، بالعمل الصالح، ﴿فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون﴾. ﴿والذين كذّبوا بآياتنا واستكبرُوا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون﴾، فمِن كمال الإيمان : أن يقدر الإنسان نفسه أن لو كان في زمان كل رسول، لكان أول من تبعه، ولكان من خواص أصحابه، هكذا يسير بعقله مع كل رسول من زمان آدم عليه السلام إلى مبعث رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم. والله تعالى أعلم.
الإشارة : قد جعل الله لكل نبي خلفاء يخلفونه في تبليغ أحكامه الظاهرة والباطنة، وهم العلماء الأتقياء، والأولياء العارفون الأصفياء، فمن أراد أن يكون ممن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فليتبع علماء أهل زمانه في الشريعة، وأولياء أهل عصره في تربية الحقيقة. وبالله التوفيق.
٣٥٠
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٥٠
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿فمن أظلمُ ممن افترى على الله كذبًا﴾ ؛ بأن نسب إليه الولد والشريك، ﴿أو كذَّب بآياته﴾ التي جاءت بها الرسل من عنده، أي : لا أحد أظلم منه، أو تَقوَّل على الله ما لم يقله، وكذّب بما قاله، ﴿أولئك ينالُهم نصيبُهم من الكتاب﴾ أي : يلحقهم نصيبهم مما كتب في اللوح المحفوظ ؛ من الأرزاق والآجال، ﴿حتى إذا﴾ انقضت أعمارهم و ﴿جاءتُهم رسلُنا يَتوفَّونهم﴾ أي : يتوفون أرواحهم، ﴿قالوا﴾ لهم توبيخًا :﴿أين ما كنتم تدّعون من دون الله﴾ أي : أين الآلهة التي كنتم تعبدونها من دون الله ؛ لتدفع عنكم العذاب ؟ ﴿قالوا ضلُّوا عنا﴾ ؛ غابوا عنا ﴿وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين﴾، اعترفوا بأنهم كانوا ضالين فيما كانوا عليه، وندموا حيث لم ينفع الندم، وقد زلت بهم القدم.


الصفحة التالية
Icon