﴿والله يريد أن يتوب عليكم﴾ كرره توطئة لقوله :﴿ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا﴾ عن الحق ﴿ميلاً عظيمًا﴾ بموافقتهم على اتباع الشهوات واستحلال المحرمات، وكأنه تعالى يقول : إنا نريد توبتكم ورشدكم، والذين يتبعون الشهوات يريدون ميلكم وإضلالكم، والمراد بهم الزناة ؛ لأنهم يودون أن يكون الناس كلهم زناة، وأمَّا من تعاطى شهوة النكاح في الحلال، فإنه متبع للحق لا لهم، وقد قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ :" تَنَاكَحُوا تَنَاسَلُوا فَإنِّي مُبَاهِ بِكُمُ الأممَ يَوم القِيَامة " وقد كان سيدنا علي ـ كرم الله وجهه ـ أزهدَ الصحابة، وكان له أربع حرائر وسبعُ جواري سُرِّيَّاتٍ، وقيل : سبع عشرة، وقيل : المراد بهم اليهود والنصارى، لأن اليهود يُحلون الأقارب من الأب وبنات الأخ وبنات الأخت. وقيل : المجوس.
﴿
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣١
يريد الله أن يخفّف عنكم﴾
فلذلك شرع لكم الشريعة الحنيفية السمحة السهلة، ورخص لكم عند المضايق في نكاح الأمة. ﴿وخُلق الإنسانُ ضعيفًا﴾ في كل شيء، لأنه خُلق من ضعف، ويؤول إلى ضعف، أسير جَوعة، صريع شبعة، وخصوصًا عن شهوة النساء، فإنه لا يصبر عن الجماع، ولا يكون في شيء أضعفَ منه في أمر النساء، وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال :(ألا تروني أني لا أقوم إلا رفدًا، ولا آكل
٣٤
إلا ما لُيِّن لي، وقد مات صاحبي ـ يعني ذكره ـ منذ زمان، وما يسرني أني خلوت بامرأة لا تحل لي، وأن لي ما تطلع عليه الشمس، مخافة أن يأتيني الشيطان فيحركه، على أنه لا سمع ولا بصر).


الصفحة التالية
Icon