قال تعالى :﴿فأنجيناه وأهله﴾ أي : من آمن معه، ﴿إلا امرأته﴾ فإنها كانت تسر الكفر ؛ ﴿كانت من الغابرين﴾ أي : الباقين في ديارهم فهلكوا وهلكت معهم.
﴿وأمطرنا عليهم مطرًا﴾ أي : نوعًا عجيبًا من المطر، بيَّنه بقوله :﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ﴾ [الحِجر : ٧٤] ﴿فانظر كيف كان عاقبةُ المجرمين﴾.
رُوِي أن لوط بن هاران بن تارح لما هاجر عمه إبراهيم إلى الشام، ونزل بالأردن، وكان هاجر هو معه، أرسله الله تعالى إلى أهل سدوم، ليدعوهم إلى الله، وينهاهم عما اخترعوه من الفاحشة، فلم ينتهوا عنها، فقلع جيريل مدينتهم، وجعل عاليها سافلها،
٣٧٢
وأمطر الحجارة على ما قربهم من القرى، وسيأتي في سورة هود بقية قصتهم، إن شاء الله. والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٧٢
الإشارة : إنما أهلك اللهُ قوم لوط حيث آثروا شهوة نفوسهم على عبودية ربهم، وغلبهم الطبع البهيمي على مقتضى العقل الصافي، وقد تقدم الغزالي : إن الشَّره إلى الوِقاع من جملة المهلكات. فعلى المريد أن يصفي قصده، ولا ينزل إلى أرض الحظوظ إلا بالإذن والتمكين والرسوخ في اليقين، ولا ينزل بالشهوة والمتعة. وقد قال عليه السلام :" المؤمن يأكل بشهوة أهله " فلا يأتي ما أحلَّ اللهُ لَهُ مِن متعة النِّساء إلا قيامًا بحقِّ الغَير وطلبًا للنسلِ. وبالله التوفيق.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٧٢
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿و﴾ أرسلنا ﴿إلى مدين أخاهم شعيبًا﴾، ومدين : قبيلة من أولاد مدين بن إبراهيم، شعيب بن ميكائيل بن يشجر بن مدين بن إبراهيم الخليل، على
٣٧٣
ما قيل. وقد تقدم في البقرة أن مدين ومدان من ولد إبراهيم عليه السلام، وشعيب هذا يسمى خطيب الأنبياء ؛ لحسن مراجعته قومه.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٧٣


الصفحة التالية
Icon