قال شارحه القاشاني : أراد بهذا البحر : الرؤية التي مُنع منها موسى عليه السلام، وخص بها محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ وأفراد من أتباعه. ثم قال : ورد في الخبر : أنه لما أفاق موسى عليه السلام من صعقته قيل له : ليس ذلك لك، ذلك ليتيم يأتي من بعدك، ثم قال : سبحانك تبتُ إليك عما تعديتُ لما ليس لي، وأنا أول المؤمنين بتخصيص محمد ﷺ بهذا المقام. هـ.
وقيل في قوله :﴿فلما تجلى ربُّه للجبل﴾ أي : جبل العقل، بحيث طمس نوره بنور شمس العرفان، وخر موسى صعقًا، أي : ذهب وجوده في وجود محبوبه، وحصل له
٣٩٢
الزوال في مكان الفناء والسكر، فلما أفاق ورجع إلى البقاء تمسك بمقام العبودية والأدب مع الربوبية فقال :﴿سبحانك تبتُ إليك﴾ من رؤية جبل الحس قبل شهود نور المعنى، وأنا أول المؤمنين بأن نور المعاني خلف رداء الأواني، لا يدرك إلا بعد الصعقة، والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٩٠
قلت : الرُّشد والرَّشَد : لغتان، قُرىء بهما.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿قال يا موسى إني اصطفيتُك﴾ اخترتك ﴿على الناس﴾ الموجودين في زمانك، وهارون، وإن كان نبيًا، كان مأمورًا باتباعه، ولم يكن كليما ولا صاحب شرع. فقد اصطفيتك على أهل زمانك ﴿برسالتي﴾ لك إليهم، ومن قرأ بالجمع فالمراد : أوقات التبليغ بأنواع الأحكام أو أسفار التوراة، ﴿و﴾ خصصتك ﴿بكلامي﴾، وقد شاركه نبينا محمد ﷺ مع زيادة الرؤية، ﴿فخُذ ما آتيتك﴾ أي : أعطيتك من الرسالة والتكليم، وأقنع بهما ولا تطلب غير ذلك، ﴿وكن من الشاكرين﴾ على هذه النعمة، وفيه نوع تأديب له. رُوِي أن سؤال الرؤية كان يوم عرفة، وأعطاه التوراة يوم النحر.