الإشارة : وإن خفتم، أيها الشيوخ، على صاحبكم منازعة النفس والروح ؛ فكانت النفس تجمح به إلى أسفل سافلين، بمتابعة هواها وعصيان مولاها، والروح تجنح به إلى أعلى عليين، بجهاد هواها ومشاهدة مولاها، فابعثوا له واردين قويين، إما شوق مقلق يرحل الروح إلى مولاها، أو خوف مزعج يزجر النفس عن هواها. فإن أراد الله بذلك العبد إصلاحًا لحاله أرسلهما معًا متفقين على تخليصه وارتفاعه، فيتقدم الخوف المزعج ويستدركه الشوق المقلق، فيلتحق بأهل التحقيق من أهل التوفيق، وما ذلك على الله بعزيز، وفي الحكم :" لا يُخرِج الشهوةَ من القلب إلا خوف مزعج، أو شوق مقلق ". والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٢
٤٣
قلت : الجُنب ـ بالضم ـ : البعيد، يقال فيه : جُنُب وأجنب وأجنبي، وسمي الجُنبُ جُنُبًا لأنه يبعد من المسجد وعن الصلاة وعن التلاوة، و(مختال) أسم فاعل، وأصله : مختيل، بالكسر، من الخُيَلاَء وهو التكبر.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿واعبدوا الله﴾ أي : وَحِّدُوه وأطيعوه ﴿ولا تشركوا به شيئًا﴾ جليًا أو خفيًا في اعتقادكم أو في عبادتكم، فمن قصد الحج والتجارة، فقد أشرك مع الله في عبادته، وأحسنوا بالوالدين إحسانًا حسنًا، وهو برهما والقيام بحقهما، ﴿وبذي القربى﴾، أي : القرابة في النسب، أو الدين ﴿واليتامى﴾ لضعف حالهم، ﴿والمساكين﴾ لقلة ما بيدهم، وقد شكى بعض الناس قساوة قلبه، فقال له عليه الصلاة والسلام :" إن أردتَ أن يلين قلبُك، فأطعم والمسكين وامسح رأس اليتيم، وأطعمه ". ﴿والجار ذي القربى﴾ الذي قّرُب جواره أو نسبه، ﴿والجار الجُنب﴾ الذي بَعُد مكانه أو نسبه، وحَدَّد بعضُهم الجوار بأربعين دارًا من كل ناحية. وقال ابن عباس : الجار ذي القربى : الجار الذي بينك وبينه قرابة، والجار الجنب : الجار من قوم آخرين. هـ.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٣