الإشارة : كما أمر الله بطاعة رسوله ﷺ في حياته، أمر بطاعة ورثته بعد مماته، وهم العلماء الأتقياء الذين يعدلون في الأحكام، والأولياء العارفون الذين يحكمون بوحي الإلهام، فالعلماء حُكَّام على العموم، والأولياء حكام على الخصوص، أعني من تعلق بهم من أهل الإرادة، فمن لم يرض بحكم العلماء، ووجد في نفسه حرجًا مما قضوا به عليه، ففيه شُبعة من النفاق، وخصلة من المنافقين. ومن لم يرض بحكم الأولياء فقد خرج من دائرتهم، ومن عُش تربيتهم، لأن حكم الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ وحكم ورثته هو حكم الله، ومن لم يرض بحكم الله خرج عن دائرة الإيمان.
٦٤
فلا يكمل إيمان العبد حتى لا يجد في نفسه حرجًا من أحكام الله، القهرية والتكليفية، ويسلم لما يبرز من عنصر القدرة الأزلية، كيفما كان، فقرًا أو غنى، ذلاً أو عزًا، منعًا أو عطاء، قبضًا أو بسطًا، مرضًا أو صحة، إلى غير ذلك من اختلاف المقادير. ويرضى بذلك ظاهرَا وباطنًا، وينسلخ من تدبيره واختياره ؛ إلى اختيار مولاه فهو أعلم بمصالحه، وأرحم به من أمه وأبيه : وبالله التوفيق. وهو الهادي إلى سواء الطريق.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٦٣
قلت :﴿رفيقاً﴾ : تمييز لما في ﴿حَسُن﴾ من معنى التعجب أو المدح، ولم يجمع ؛ لأن فعيلا يُحمل على الواحد والجمع، أو لأنه أريد حسن كل واحد منهم.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿ومن يطع الله والرسول﴾ ويرضى بأحكامهما ويمتثل أمرهما ويجتنب نهيهما، ﴿فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم﴾، وهم أكرم الخلق عند الله وأعظمهم قدرًا ﴿من النبيين﴾ والمرسلين ﴿والصديقين﴾ وهم من كثر صدقهم وتصديقهم وعظم يقينهم ؛ وهم الأولياء العارفون بالله، ﴿والشهداء﴾ الذين ماتوا جهادًا في سبيل الله، ﴿والصالحين﴾ وهم العلماء الأتقياء، ومن صلح حاله من عامة المسلمين.