الإشارة : أهل الفهم عن الله : الأزمنةُ كلها عندهم حُرُم، والأمكنة كلها عندهم حَرامٌ، فهم يحترمون أوقاتهم ويغتنمون ساعاتهم لئلا تضيع. قال الحسن البصري : أدركت أقواماً كانوا على ساعاتهم أشفق منكم على دنانيركم ودراهيمكم، يقول : كما لا يخرج أحدكم ديناراً ولا درهماً إلا فيما يعود عليهم نفعه، كذلك لا يحبون أن يخرجوا ساعة من أعمارهم إلا فيما يعود عليهم نفعة وقال الجنيد رضي الله عنه : الوقت إذا فات لا يُستدرك،
٧٤
وليس شيء أعز من الوقت. هـ.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٧٤
وكل جزء يحصل له من العمر غير خال من عمل صالح، يتوصل به إلى مُلْك كبير لا يفنى، ولا قيمة لما يوصل إلى ذلك ؛ لأنه في غاية الشرف والنفاسة، ولأجل هذا عظمت مراعاة السلف الصالح لأنفسهم، ولحظاتهم، وبادروا إلى اغتنام ساعاتهم وأوقاتهم، ولم يضيعوا أعمارهم في البطالة والتقصير، ولم يقنعوا من أنفسهم لمولاهم إلا بالجد والتشمير، وإلى هذه الإشارة بقوله :(فلا تظلموا فيهن أنفسكم) ؛ بتضييعها في غير ما يقرب إلى الله. ثم أمر بجهاد القواطع، التي تترك العبد في مقام الشرك الخفي، وبَشَّرهُم بكونه معهم بالنصر والتأييد، والمعونة والتسديد.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٧٤
قلت :(النسيء) : التأخير، يقال بالهمزة وبقلبها ياء.


الصفحة التالية
Icon