﴿فأنزل اللَّهُ سكِينَتُه﴾ أي : أًمْنَه الذي تسكن إليه القلوب، ﴿عليه﴾ أي : على رسوله ﷺ، أو على صاحبه، ﴿وأيَّده بجنودٍ لم تَرَوها﴾، يعني الملائكة، أنزلهم ليحرسوه في الغار، أو يوم بدر وأحد وغيرهما، فتكون على هذا : الجملة معطوفة على :﴿فقد نصره الله﴾. ﴿وجعلَ كلمةَ الذين كفروا﴾ وهي الشرك، أو دعوى الكفر، ﴿السفلى وكلمةُ الله﴾ التي هي التوحيد، أو دعوة الإسلام، ﴿هي العُليا﴾ ؛ حيث خلص رسوله ﷺ من بين الكفار، ونقله إلى المدينة، ولم يزل ينصره حتى ظهر التوحيد وبطل الكفر، ﴿والله عزيزٌ﴾ ؛ غالب على أمره، ﴿حكيم﴾ في أمره وتدبيره.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٧٧
الإشارة : ما قيل في حق الرسول ﷺ يقال في حق ورثته، الداعين إلى الله بعده ؛ من العارفين بالله، فيقال لمن تخلف عن صُحبَة ولي عصره وشيخ تربية زمانه : إلا تنصروه فقد نصره الله وأعزه، وأغناه عن غيره، فمن صحبه فإنما ينفع نفسه، فقد نصره الله حين أنكره أهله وأبناء جنسه، كما هي سنة الله في أوليائه، لأن الداخل على الله منكور، والراجع إلى الناس مبرور، فمن دخل مع الخصوص قطعاً أنكرته العموم، فنخرجه ثاني اثنين هو وقبله، فيأوي إلى كهف الأنس بالله، والوحشة مما سواه، فيقول لقلبه : لا تحزن إن الله معنا، فينزل الله عليه سكينة الطمأنينة والتأييد، وينصره باجناد أنوار التوحيد والتفريد، فيجعل كلمة أهل الإنكار السفلى، وكلمة الداعين إلى الله هي العليا، والله عزيز حكيم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٧٧
قلت :(يُهلكون) : حال من فاعل (يحلفون)، أو بدل منه. قال في القاموس :(الشقة) ـ بالضم والكسر : البُعد والناحية يقصدها المسافر، والسفر، البعيد والمشقة. هـ.


الصفحة التالية
Icon