الإشارة : ينبغي لمريد الآخرة ألا يستحسن شيئاً من الدنيا، التي هي مدْرجة الاغترار، بل ينبغي له أن ينظر إليها وإلى إهلها بعض الغض والاحتقار، حتى ترتفع همته إلى دار القرار، وينبغي لمريد الحق ـ تعالى ـ ألا يحقر شيئاً من مصنوعاته، ولا يصغر شيئاً من تجلياته، إذ ما في الوجود إلا تجليات العلي الكبير، إما من مظاهر اسمه الحكيم، أو اسمه القدير، فيعطي الحكمة حقها والقدرة حقها، ويتلون مع كل واحدة بلونها، وبالله التوفيق.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٨٥
قلت : الفَرَقُ : الخوف، و (مُدَّخلاً) : أصله : متدخلاً، مفتعل من الدخول، قبلت التاء دالاً وأدغمت.
يقول الحق جل جلاله :﴿ويحلفون﴾ لكم ﴿بالله إنهم لمنكم﴾ أي : من جملة المسلمين، ﴿وما هم منكم﴾ ؛ لكفر قلوبهم، ﴿ولكنهم قوم يَفْرقُون﴾ : يخافون منكم أن تفعلوا بهم ما تفعلون بالمشركين، فيظهرون الإسلام تقية وخوفاً ﴿لو يجدون مَلْجأً﴾ أي : حصناً يلتجئون إليه، ﴿أو مَغَاراتٍ﴾ ؛ غيراناً، ﴿أو مُدَّخلاً﴾ ؛ ثقباً أو جحراً يَنجَحِرُون فيه. وقرأ يعقوب :" مُدخِلاً " ؛ بضم الميم وسكون الدال، أي : دخولاً، أو مكاناً يدخلون فيه، ﴿لَوَلّوا إليه وهم يجمحون﴾ أي : يُسرعون إسراعاً لا يردهم شيء كالفرس الجموح.
الإشارة : قد يتطفل على القوم من ليس منهم، فيظهر الوفاق ويبطن النفاق، كحال أهل النفاق، فينبغي أن يستر ويُحلُم عليه، كما فعل عليه الصلاة والسلام ـ بالمنافقين،
٨٦
تلطف معهم في حياتهم، والله يتولى سرائرهم، بالله التوفيق.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٨٦
قلت :(لو) : شرطية، و (أنهم) : قال سيبويه : مبتدأ، والخبر محذوف : ولو رضاهم ثابت أو موجود... الخ. وقال غيره : فاعل بفعل محذوف ؛ ولو ثبت رضاهم، وجواب (لو) : محذوف، أي : ولو أنهم رضوا لكان خيراً لهم.