الإشارة : تعظيم الرسول ﷺ ومدحه وذكر محاسنه، من أجل القربات وأعظم الطاعات ؛ لأن تعظيمه ناشئ عن محبته، ومحبته عقد من عقود الإيمان، لا يتم الإيمان إلا بها، والإخلال بهذا الجانب من أعظم المعاصي عند الله، ولذلك قبح كفر المنافقين واليهود، الذين يؤذون جانب النبوة، وما عابه به المنافقون في هذه الآية هو عين الكمال عند أهل الكمال. قال القشيري : عابوه بما هو أماره كرمه، ودلالة فضله، فقالوا : إنه ؛ لحُسن خُلُقه، يسمع ما يقال له، وقد قال ﷺ :" المُؤمنُ غِرٌّ كَرِيمٌ والمُنافِقُ خِبٌّ لَئِيمٌ ". قالوا : من الفاضل ؟ قالوا : الفَطِنُ المُتَغَافِلُ، وأنشدوا :
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٩١
وإذا الكريمُ أَتَيْتَه بخدِيعَةٍ
فرأيته فيما ترومُ يُسارعُ
فاعلمْ بأنَّك لم تخادِعْ جاهلاً
إنَّ الكريمَ ـ بفضله ـ يتخادع
وكل ولي يتخلق بهذا الخلق السني ؛ الذي هو التغافل والانخداع في الله، وكان عبد الله بن عمر يقول :(من خدعنا في الله انخدعنا له). ورأى سيدنا عيسى عليه السلام رجلاً يسرق، فقال له : سرقت يا فلان ؟ فقال : والله ما سرقت، فقال عليه السلام :(آمنتُ بالله وكذبتُ عيني). فمن أخلاق الصوفي أن يؤمن بالله، ويؤمن للمؤمنين، كيفا كانوا، ورحمة للذين آمنوا، فمن آذى من هذا وصفه فله عذاب أليم. وبالله التوفيق.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٩١