الإشارة : الاستهزاء بالأولياء والطعن عليهم من أسباب المقت والبعد من الله، والإصرار على ذلك شؤمه سوء الخاتمة، وترى بعض الطاعنين عليهم يحذر منهم أن يكاشفوا بأسراهم، وقد يُطلع الله أولياءه على ذلك، وقد لا يطلعهم، وبعد أن يطلعهم على ذلك لا يواجهوهُم بكشف أسرارهم لتخلقهم بالرحمة الإلهية. والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٩٣
قلت : قال في الأساس : ومن المجاز : نَسيتُ الشيء : تركتُه، (نَسُوا الله فَنَسِيَهُمْ. قال في المشارق : ونسي بمعنى ترك، معناه مشهور في اللغة، ومنه :(نسوا الله فنسيهم) أي : تركوا أمره فتركهم. وقوله :(كالذين من قبلكم) : خبر، أي : أنتم كالذين، أو مفعول بمحذوف، أي : فعلتم مثل فعل من قبلكم.
يقول الحق جل جلاله :﴿المنافقون والمنافقاتُ بعضُهم من بعض﴾ أي : متشابهة في
٩٤
الكفر والبعد عن الإيمان، لا فرق بين ذكورهم وإناثهم في النفاق والكفر، وهو نفي لأن يكونوا مؤمنين. وقيل : إنه تكذيب لهم في حلفهم بالله :﴿إنهم لمنكم﴾ وتقرير لقوله : وهو قوله :﴿يأمرون بالمنكر﴾ ؛ كالكفر والمعاصي، ﴿وينْهَون عن المعروف﴾ ؛ كالإيمان والطاعة، ﴿ويقبضُون أيديَهم﴾ عن الإعطاءِ المبار، وهو كناية عن البخل والشح. ﴿نَسُوا الله﴾ أي : غفلوا، أي : أغفلوا ذكره، وتركوا طاعته، ﴿فنسيهم﴾ ؛ فتركهم من لطفه ورحمته وفضله، ﴿إن المنافقين هم الفاسقون﴾ ؛ الكاملون في التمرد والفسوق عن دائرة الخير.
﴿وَعدَ اللَّهُ المنافقين والمنافقاتِ والكفارَ﴾ أي : المهاجرين بالكفر، ﴿نارَ جهنم خالدين فيها﴾ أي : مقدرين الخلود. قال ابن جزي : الأصل في الشر أن يقال : أوعد، وإنما يقال فيه :" وعد " إذا صرح بالشر. هـ. ﴿هي حَسْبُهُم﴾ أي : جزاؤهم عقاباً وعذاباً، وفيه دليل على عظم عذابها، ﴿ولعنهم الله﴾ ؛ أبعدهم من رحمته، وأهانهم، ﴿ولهم عذابٌ مقيم﴾ لا ينقطع، وهو العذاب الذي وعدوه، أو ما يقاسونه من تعب النفاق، والخوف من المؤمنين.


الصفحة التالية
Icon