وقال الورتجبي :(إذا نصحوا لله ورسوله) أي : إذا عرّفوا عباد الله طريق الله، والأسوة بسنة رسول الله. هـ. وقد قال الحواريون : يا روح الله، ما النصيحة لله ؟ قال : تقديم حق الله على حق الناس. هـ. ولا حرج أيضاً على من لم يجد ما ينفق على الأشياخ من الأموال، فإن من أعطى نفسه كفته عَن إعطاء المال. قال تعالى :﴿ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم﴾ إلى حضرة ﴿قلت لا أجد ما أحملكم عليه﴾ ؛ فإن بذل الأموال مع المهج أنهض من أحدهما، ﴿تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون﴾ ؛ ليتحببوا به في قلوب المشايخ. قال بعض المشايخ : أردنا أن نجعل من يسوق مع من لا يسوق على حد سواء، فلم يعتدلوا. هـ.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٠٧
وقوله تعالى :﴿حزناً ألا يجدوا ما ينفقون﴾، ليس حزنهم على فوات الدنيا، وإنما حزنهم على تخلفهم عن رسول الله، وعن صحبة أهل الكمال. وقال القشيري : شقَّ عليهم أن يكون على قلب الرسول ـ عليه الصلاة السلام ـ منهم، أوبسببهم، شُغْلٌ، فَتَمنَّوا أن لو أزيحت علتهم، لا ميلاً إلى الدنيا ؛ ولكن لئلا يعود إلى قلب الرسول من فعلهم كراهةٌ، ولقد قيل :
مَنْ عَفَّ خَفَّ على الصديق لِقاؤه
واخو الحوائج وجهه مَمْلولُ. هـ.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٠٧
١٠٩
قلت : مفعول (نبأ) الثاني : محذوف، أي : نبأنا جملة من أخباركم، و (جزاء) : مصدر لمحذوف، أي : يجازون جزاء أو علة، أي : للجزاء بما كسبوا.
يقول الحق جل جلاله :﴿يعتذرون إليكم﴾ يعني : المنافقين، ﴿إذا رجعتم إِليهم﴾ من تبوك، ﴿قل﴾ لهم :﴿لا تعتذروا﴾ بالمعاذير الكاذبة ؛ لأنه ﴿لن نؤمن لكم﴾ أي : لن نصدقكم فيها ؛ لأنه ﴿قد نبأنا اللَّهُ من أخباركم﴾ ؛ أعلمنا بالوحي، على لسان نبيه ﷺ، ببعض أخباركم، وهو ما في ضما ئركم من الشر والفساد.


الصفحة التالية
Icon