﴿لا يزالُ بُنيانُهم﴾ أي : مبنيهم، مصدر بمعنى المفعول، ﴿الذي بَنوا ريبةً﴾ أي : شكاً ونفاقاً ﴿في قلوبهم﴾، والمعنى : أن بناءهم هذا لا يزال سبب شكهم وتزايد نفاقهم، فإنه حملهم على ذلك، ثم لما هدمه الرسول ﷺ رسخ ذلك في قلوبهم وازداد، بحيث لا يزول رسمه من قلوبهم، ﴿إلا أن تقطع﴾ بالموت، بحيث لا يبقى لها قابلية الإدراك، أو لا يزال بنيانهم ريبة، أي : شكاً في الإسلام بسبب بنيانه، لاعتقادهم صواب فعلهم، أو غيظاً بسبب هدمه، ﴿والله عليمٌ﴾ بنياتهم، ﴿حكيم﴾ فيما أمر من هدم بنيانهم. الإشارة : من أراد أن يؤسس بنيان أعماله وأحواله على التقوى والرضوان، فليؤسسه على الإخلاص والنية الحسنة، ومتابعة السنة المحمدية، فإنها لا تنهدم أبداً، ومن أراد أن يؤسسها على شفا جرف هارٍ فليؤسسها على الرياء والسمعة، وقصد الكرامات وطلب الأعواض، فإنها تنهدم سريعاً ولا تدوم، فما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل. وبالله التوفيق.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١١٨
قلت : جملة (يقاتلون) : حال من (المؤمنين) ؛ بياناً للشراء، أو استئنافاً ؛ لبيان ما لأجله الشراء، وقيل :" يقاتلون " : بمعنى الأمر، و(وعداً) : مصدراً لما دل عليه الشراء، فإنه في معنى الوعد، أي : وعدهم وعداً حقاً لا خلف فيه.
يقول الحق جل جلاله :﴿إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم
١٢٠
الجنة﴾ أي : عوضهم في بذل مُهجهم وأموالهم في سبيله الجنة ونعيمها، ومن جملته : النظر إلى وجهه الكريم. قال بعضهم : فانظر... ما أكرمه سبحانه، فإن أنفسنا هو خلقها، وأموالنا هو رزقها، ثم وهبها لنا، ثم اشتراها منا بهذا الثمن الغالي، فإنها لصفقة رابحة. هـ.