﴿فلولا﴾ : فهلا ﴿نَفَرَ من كل فرقةٍ﴾ ؛ جماعة كبيرة، كقبيلة أو بلدة، ﴿طائفة﴾ قليلة منها ؛ ﴿ليتفقهوا في الدين﴾، اما إذا خرجوا للغزو ؛ فإنه لا يخلو الجيش من عالم أو عارف يتفقهون، مع أن مشاق السفر تشحذ الأذهان، وترقق البشرية، فتستفيد الروح حينئذٍ علوماً لدنية، وأسراراً ربانية، من غير تعلم، وهذا هو العلم الذي يصلح للإنذار.
قال في الإحياء : التفقه : الفقه عن الله ؛ بإدراك جلاله وعظمته، وهو العلم الذي يورث الخوف والخشية والهيبة والخشوع، ويحمل على التقوى وملازمتها، وهذا مقتضى الآية. فإن معرفة صفاته تعالى المخوفة والمرجوة هو الذي يحصل به الانذار، لا الفقه المصطلح عليه. هـ. وأما إذا وقع الخروج لطلب العلم فالتفقه ظاهر.
ثم قال تعالى :﴿وليُنْذِرُوا قومَهم إذا رجعوا إليهم﴾، أي : وليجعلوا غاية سعيهم ومُعظم غرضهم من التفقه إرشاد القوم وإنذارهم. وتخصيصه بالذكر ؛ لأنه أهم، وفيه دليل على أن التفقه والتذكير من فروض الكفاية، وأنه ينبغي أن يكون غرض المتعلم فيه أن يستقيم ويقيم، لا الترفع على الناس والتبسط في البلاد. قاله البيضاوي. وقوله :﴿لعلهم يَحذَرُون﴾، أي : لعلهم يخافون مما حذروا منه.


الصفحة التالية
Icon