تدبون إليهم ويدبون إليكم، تريدون قتالهم متوجهين إليهم، ﴿فلا تُولوهم الأدبارَ﴾ بالانهزام عنهم، فإنه حرام، وهو من الكبائر، ويفيد بألا يكون الكفار أكثر من ثلثي المسلمين، فإن زادوا على ثلثي المسلمين حلَّ الفرار، وأن يكون المسلمون مسلحين، وإلا جاز الفرار ممن هو بالسلاح دونه، ﴿ومن يُولَّهم يومئذ دُبُره إلا متحرفاً لقتالِ﴾، وهو أن يكرّ راجعاً أمام العدو ليرى عدوه أنه منهزم ثم يعطف عليه، وهو من مكائد الحرب، ﴿أو متحيزاً إلى فئة﴾ أي : منحازاً إلى جماعة من المسلمين ليستعين بهم، فإن كانت الجماعة حاضرة في الحرب، أو قريبة فالتحيز إليها جائز باتفاق، واختلف في التحيز إلى المدينة، والإمام والجماعة إذا لم يكن شيء من ذلك حاضراً.
ويُروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : أنا فئة لكل مسلم. ورُوي عن ابن عمر : أنه كان في سرية بعثهم رسول الله ﷺ، وففَرُّوا إلى المدينة، فقلت : يا رَسُولَ اللَّهِ، نحن الفَرَّارُونَ، فقال :" أًنْتُم الكرَّارُونَ، وأنا فِئَتُكُمْ ". فمن فرَّ من الجهاد بالشرط المتقدم ﴿فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنمُ وبئس المصيرُ﴾، ومن هذا يفهم أنه من الكبائر. قال البيضاوي : وهذا إذا لم يزد العدو على الضعف لقوله ﴿الئَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُم...﴾ [الأنفال : ٦٦] الآية، وقيل : الآية مخصوصة بأهل بيته والحاضرون معه في الحرب. ه.


الصفحة التالية
Icon