الإشارة : لا تنقطع عن العبد الأوهام والشكوك والخواطر، حتى يدخل مقام الإحسان، ويكاشف بمقام الشهود والعيان، بالغيبة عن حس الأكوان، بسطوع أنوار المعاني عند غيبة الأواني، ومن غاب عن حس نفسه غاب عنه حس جميع الأكوان ؛ وذلك بصحبة أهل العرفان، الذين سلكوا الطريق حتى أفضوا إلى عين التحقيق، فزاحت عنهم الشكوك والأوهام، وانحلت عنهم الشُّبَه، وزالت عن قلوبهم الأسقام، واطلعوا على تاويل المتشابه من القرآن، فبصحبة هؤلاء ترتفع الخواطر والشكوك، ويرتفع العبد إلى حضرة ملك الملوك، فجلوس ساعة مع هؤلاء تعدل عبادة سنين. وفي بعض الآثار :(تعلموا اليقين بمجالسة أهل اليقين) قلت : وقد مَنَّ الله علينا بمعرفتهم وصحبتهم، بعد أن تحققنا بخصوصيتهم، فللّه الحمد وله الشكر.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٨٥
يقول الحق جل جلاله :: ﴿إن الذين حقتْ﴾ أي : ثبتت ﴿عليهم كلمة ربك﴾ بأنهم لا يؤمنون، أو بأنهم مخلدون في العذاب ﴿لا يؤمنون﴾ أبداً ؛ إذ لا يكذب كلامه ولا ينتقض قضاؤه، ﴿ولو جاءتهم كلُّ آيةٍ﴾ وعاينوها فإن السبب الأصلي لإيمانهم هو تعلق إرادته تعالى، وقد أرادَ خلافه، فلا يؤمنوا ﴿حتى يَروُا العذابَ الأليم﴾ وحينئذٍ لا ينفعهم، كما لم ينفع فرعون، وبالله التوفيق.
الإشارة : من انتكبه التوفيق لا يصدق بأهل التحقيق، ولو رأى منهم ألف كرامة، فلا تنفك عنه الشكوك والأوهام ؛ حتى يفضي إلى شرب كأس الحِمام، فيلقى الله بقلب سقيم، وربما مات على الشك، فيلحقه العذاب الأليم، عائذاً بالله من ذلك.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٨٥
١٨٦


الصفحة التالية
Icon