قلت :(ماذا) إن كانت استفهامية علقت (انظروا) عن العمل، وإن كانت موصولة فمفعول به، و(ما تغني الآيات) : يحتمل الاستفهام في محل نصب بتُغني، أو النفي. (ثم ننجي) معطوف على محذوف دل عليه :(إلا مثل أيام) أي : فكانت عادتنا معهم أن نهلك المكذبين، ثم ننجي رسلنا ومن آمن معهم، و " كذلك " مصدر معمول لننجي، و(حقاً) اعتراض بينهما، وهو مصدر لفعل محذوف، أي : مثل ذلك الإنجاء ننجي المؤمنين يحق ذلك حقاً، وعلى هذا يوقف على :(الذين آمنوا)، ثم يُبْتدأ بقوله :(كذلك حقاً...) الخ. وقيل : خبر عن (الذين آمنوا) أي : والذين آمنوا مثلهم في الإنجاء، وهو ضعيف.
يقول الحق جل جلاله :﴿قل﴾ للمشركين الذين طلبوا منك الآية :﴿انظروا ماذا في السماوات والأرضِِ﴾ من الآيات والعِبَر، وعجائب الصنع ليدلكم على وحدانية الله تعالى، وكمال قدرته، ثم بيَّن أن الآيات لا تفيد من سبق عليه الشقاء، فقال :﴿وما تُغني الآياتُ
١٨٨
والنُّذُرُ عن قوم لا يؤمنون﴾ في علم الله وحُكمه، ثم هددهم بالهلاك فقال :﴿هل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم﴾ أي : مثل وقائعهم ونزول العذاب بهم ؛ إذ لا يستحق غيره، فهو من قولهم : أيام العرب، لوقائعها.
﴿قل﴾ لهم :﴿فانتظروا﴾ هلاككم ﴿إني معكم من المنتظِرِين﴾ لذلك، أو فانتظروا هلاكي إني معكم من المنتظرين هلاككم، ﴿ثم نُنَجِّي رُسُلَنا﴾ أي : عادتنا أن ننجي رسلنا ﴿والذين آمنوا﴾ معهم من ذلك الهلاك، ﴿كذلك حقاً علينا ننج المؤمنين﴾ من أصحاب محمد ﷺ حين نُهلك المجرمين ؛ حقاً واجباً علينا كما هي عادتنا مع من تحبب إلينا بالإيمان والطاعة.