ثم قال تعالى :﴿واعلموا أنَّ الله يَحُولُ بين المرء وقلبه﴾ ؛ فينقله من الإيمان إلى الكفر، ومن الكفر إلى الإيمان، ومن اليقين إلى الشك ومن الشك إلى اليقين، ومن الصفاء إلى الكدر، ومن الكدر إلى الصفاء. وقيل البيضاوي : هو تمثيل لغاية قربه من العبد ؛ كقوله تعالى :﴿وَنَحنُ أَقرَبُ إِلَيهِ مِن حَبلِ الوَرِيدِ﴾ [ق : ١٦]، وتنبيه على أنه مطلع على
١٧
مكنونات القلوب، مما عسى أن يغفل عنها صاحبها، أو حث على المبادرة إلى إخلاص القلوب وتصفيتها، قبل أن يحول الله بينه وبين قلبه بالموت أو غيره، أو تصوير وتخييل لتملكه على العبد قلبه ؛ فيفسخ عزائمه، ويغير مقاصده، ويحول بينه وبين الكفر، إن أراد سعادته، وبينه وبين الإيمان، إن قضى شقاوته. هـ. ﴿و﴾ اعلموا أيضاً ﴿أنه إليه تُحشرون﴾ ؛ فيجازيكم بأعمالكم وعقائدكم.
الإشارة : قد جعل الله، من فضله ورحمته، في كل زمان وعصر، دعاة يدعون الناس إلى ما تحيا به قلوبهم، حتى تصلح لدخول حضرة محبوبهم، فهم خلفاء عن الله ورسوله، فمن استجاب لهم وصحبهم حيي قلبه، وتطهر سره ولبه، ومن تنكب عنهم ماتت روحه في أودية الخواطر والأوهام.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٧