تسبيحي من ملائكتي، وأمرتهم ألا يغلقوا الأبواب بيني وبين عبادي، فلم يثقوا بقولي، ألم يعلم من طرقَتْه نائبة من نوائبي أنه لا يملك كشفها أحدٌ غيري ؟ فما لي أراه بآماله مُعرضاً عني ؟ وما لي أراه لاهياً إلى سواي، أعطيته بجودي ما لم يسألني ثم انتزعته منه فلم يسألني رده. وسأل غيري، أفتراني أبداً بالعطية قبل المسألة ثم أسأل فلا أجيب سائلي ؟ أبخيل أنا فيبخلني خلقي ؟ أليس الدنيا والآخرة لي ؟ أوَليس الجود والكرم لي ؟ أوَليس أنا محل الآمال ؟ فمن ذا الذي يقطعها دوني ؟ وما عسى أن يؤمل المؤملون لو قُلت لأهل سمواتي وأهل أرضي : أمِّلوني، ثم أعطيتُ كل واحد منهم من الفكر مثل ما أعطيت الجميع، ما انتقص ذلك من ملكي عضو ذرَّة، وكيف ينقص ملك كامل أنا فيه ؟. فيا بؤس القانطين من رحمتي، ويا بؤسَ من عصاني ولم يراقبني، وثَبَ على محارمي ولم يَسْتَحِ منٍّي ".
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٨٩
يقول الحق جل جلاله :﴿قل أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم﴾ الرسول أو القرآن، ﴿فمن اهتدى﴾ بالإيمان والمتابعة ﴿فإنما يهتدي لنفسه﴾ ؛ لأن نفعه لها، ﴿ومن ضلَّ فإنما يضل عليها﴾ ؛ لأن وبال الضلال عليها، ﴿وما أنا عليكم بوكيل﴾ أي : موكلٌ عليكم، فأقهركم على الإيمان، وإنما أنا بشير نذير. وهو منسوخ بآية السيف. ﴿واتبع ما يُوحى إليك﴾ بالامتثال والتبليغ، ﴿واصبر حتى يحكم الله﴾ بينك وبين عدوك، بالأمر بالقتال، ثم بالنصر والعز، ﴿وهو خير الحاكمين﴾ إذا لا يمكن الخطأ في حكمه، لاطلاعه على السرائر كاطلاعه على الظواهر.


الصفحة التالية
Icon