يقول الحق جل جلاله :﴿وما من دابةٍ في الأرض﴾ أي : كل ما يدب عليها ؛ عاقلاً أو غيره، ﴿إلا على الله رزقُها﴾ ؛ غذاؤها ومعاشها ؛ لتكلفه إياه بذلك ؛ تفضلاً وإحساناً. وإنما أتى بعلى التي تقتضي الوجوب ؛ تحقيقاً لوصوله، وتهييجاً على التوكل وقطع الوساوس فيه، ﴿ويعلمُ مستقرها ومستودعها﴾ ؛ أماكنها في الحياة والممات، أو الأصلاب
١٩٥
والأرحام. أو : مستقرها في الأرض بعد وجودها، ومستودعها : موادها قبل إيجادها. أو بالعكس : مستقرها : موادها في العلم قبل الظهور، ومستودعها إقامتها في الدنيا بعد الوجود. ﴿كلٌّ﴾ واحد من الدواب على اختلاف أجناسها وأصنافها ﴿في كتاب مبين﴾ ؛ مذكور في اللوح المحفوظ، أو في العلم القديم المبين للأشياء، قال البيضاوي : وكأنه أريد بالآية كونه عالماً بالمعلومات كلها، وبما بعدها بيان كونه قادراً على الممكنات بأسرها، تقريراً للتوحيد ولما سبق من الوعد والوعيد. هـ.
الإشارة : هم الرزق، وخوف الخلق، من أمراض القلوب، ولا ينقطعان عن العبد حتى يكاشف بعلم الغيوب وهو التوحيد الخاص ؛ أعني : الرسوخ في الشهود والعيان. وإنما يضر العبدَ ما كان ساكناً، وأما الخواطر التي تلمع وتذهب، فلا تضر ؛ لأن الإنسان خلق ضعيفاً.


الصفحة التالية
Icon