ويجوز أن يكون الكل خطاباً للمشركين، والضمير في ﴿يستجيبوا﴾ لمن استطعتم، أي : فإن لم يستجيبوا لكم، أي : من استعنتم به على المعارضة لعجزهم، وقد عرفتم من أنفسكم القصور عن المعارضة، ﴿فاعلموا﴾ أنه نظم لا يعلمه إلا الله وأنه منزل من عنده، وأن ما دعاكم إليه من التوحيد حق، فهل أنتم داخلون في الإسلام بعد قيام الحجة القاطعة ؟ وفي مثل هذا الاستفهام إيجاب بليغ ؛ لما فيه معنى الطلب، والتنبيه على قيام الموجب، وزوال العذر. هـ. وقال في الوجيز : فإن لم يستجيبوا لكم ؛ من تدعون إلى المعاونة، ولا تهيأ لكم المعارضة، فقد قامت عليكم الحجة، ﴿فاعلموا أنما أنزل بعلم الله﴾ أي : أنزل والله عالم بإنزاله، وعالم أنه من عنده، ﴿فهل أنتم مسلمون﴾ ؟ استفهام، معناه الأمر، كقوله ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ﴾ [المائدة : ٩١]. هـ.
الإشارة ينبغي لأهل الوعظ والتذكير أن يعمموا الناس في التذكير، ولا يفرقوا بين
٢٠٢
أهل الصدق، وأهل التنكير. يل ينصحوا العباد كلهم، ولا يتركوا تذكيرهم، ومخافة الرد عليهم، ولا تضيق صدورهم بما يسمعون منهم، اقتداء بنبيهم ﷺ، وقد قال لقمان لابنه حين أمره بالتذكير ﴿وَاصْبِرْ عَلَىا مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور﴾ [لقمان : ١٧]، فإن طلبوا من المذكر الدليل فليقل : إنما أنا نذير، والله على كل شيء وكيل : فإن قالوا : هذا الذي تذكر كلنا نعرفه، فليقل : فأتوا بسورة من مثله، أو بعشر سور من مثله. والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٠١
قلت :" ما صنعوا فيها " : الضمير يعود على الدنيا، والظرف يتعلق بصنعوا. أو يعود على الآخرة، ويتعلق الظرف بحبط، أي : حبط في الآخرة ما صنعوا من الأعمال في الدنيا.


الصفحة التالية
Icon