فؤادي عند معلوم مقيم
تناجيه وعندكم لساني
فَلاَ نَنْظُرْ بِطَرْفِكَ نَحْوَ جِسْمِي
وعُدْ عن التنعيم الأواني
فأَسْرارِي تراءت مبهمات
مُسَتَّرَةً بأَنْوار المَعَاني
فَمَنْ فَهِمَ الإشَارَةَ فليَصُنْها
وإلاّ سوف يقتل بالسنانِ
كَحَلاَّج المحبة إذْ تبدَّتْ
له شمسُ الحقيقة بالتداني
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٧
قلت : دخلت النون في (لا تصيبن) ؛ لأنه في معنى النهي، على حد قوله :﴿لاَ يَحطِمَنَّكُم سُلَيَمَان﴾ [النمل : ١٨] انظر البيضاوي.
يقول الحق جل جلاله :﴿واتقوا فتنة﴾، إن نزلت ﴿لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة﴾، بل تعم الظالم وغيره، ثم يبعث الناس على نيتهم، وذلك كإقرار المنكَر بين أظهركم، والمداهنة في الأمر بالمعروف، واقتراف الكبائر، وظهور البدع، والتكاسل في الجهاد، وعن الفرائض، وغير ذلك من أنواع الذنوب، وفي الحديث :" لَتأْمُرُنَّ بالمَعْرُوفِ ولَتَنْهُونَّ عن المُنْكَرِ، أو لَيَعُمَّنَّكُمْ اللَّهُ بِعَذَابِهِ " أو كما قال صلى الله عليه وسلم. قالت عائشة رضي الله عنها : أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال :" نعم، إذا كثُر الخبث ". قال القشيري. في معنى الآية : احذروا أن ترتكبوا زلَّةً توجب لكم عقوبة لا تخص مرتكبها، بل يعمُّ شؤمُها مَنْ تعاطاها ومن لم يتعاطاها. وغير المجرم لا يُؤخْذَ بجُرْم من أذنب، ولكن قد ينفرد واحدٌ بجُرم فيحمل أقوامٌ من المختصين بفاعل هذا الجُرْم، كأن يتعصبوا له إذا أُخِذَ بحكم ذلك الجرّم، فبعد ألا يكونوا ظالمين يصيرون ظالمين بمعاونتهم وتعصبهم لهذا الظالم ؛ فتكون فتنة لا تختص بمن كان ظالماً في الحا ل، بل تصيب أيضاً ظالماً في المستقبل ؛ بسبب تعصبه لهذا الظالم، ورضاه به. هـ. وسيأتي تمامه في الإشارة.
١٩