قال الشيخ زروق رضي الله عنه : وذلك لأن عدم قناعتك بعلمه يُصيبك في قلبك ودينك، وأذاهم يُصيبك في عرضك وبدنك ودنياك، وأيضاً : أذاهم يردك إليه، فهو فائدتك، وعدم القناعة بعلمه يردك إليهم، فهو مصيبة توجب ثلاثاً، هي علامة عدم القناعة بعلمه : أولها : التصنع والمراءاة، والثاني : طلب رضاهم بما أمكن في جميع الحالات. الثالث : إظهار علمه وعمله وحاله، ليعلموا برتبته.
والقناعة بعلمه علامتها ثلاث : أولها قصد الإخلاص في كلٍّ، بحيث لا يبالي أين رآه الخلق، وكيف رأوه. الثاني : طلب رضاه بالعمل بطاعته، وترك ما لا يرضيه، رضوا بذلك أو سخطوا. الثالث : الاكتفاء بعلمه فيما يجري عليه من حكمه وحكمته، قال إبراهيم التيمي رضي الله عنه لبعض أصحابه : ما يقول الناس فِيّ ؟ فقال : يقولون إنه مرائي، فقال : الآن طاب العمل. قال بشر الحافي : اكتفى ـ والله ـ بعلم الله. فلم يحب أن يدخل مع علم الله غيره، وقال أيضاً : سكون النفس لقبول المدح لها أشد عليها من المعاصي. وقال أحمد بن أبي الحواري رضي الله عنه : من أحب أن يعرف بشيء من الخير، أو يُذكر به، فقد أشرك مع الله في عبادته ؛ لأن من عمل على المحبة لا يحب أن يرى عمله غير محبوبه.
وقال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه : لا تنشر علمك، ليصدقك الناس، وانشر علمك ليصدقك الله. وإن كان لام العلة موجوداً، فَعِلَّةٌ تكون بينك وبين الله من حيث أمرك، خير لك من عِلَّة تكون بينك وبين الناس، من حيث نهاك. ولعِلَّةٌ تردك إلى الله خير لك من علة تقطعك عن الله. هـ. المراد منه.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢١١