سَبْعَةَ أيام حتى خَرَّ مَغْشِيّاً عَلَيهِ، ثم تَابَ اللَّهُ فَقِيلَ لَهُ ؛ تِيب عَلَيْكَ فحُلّ نفسك، فقال : لاً والله أحلها حتى يكون رسول الله ﷺ هو الذي يحلني، فجاء رسول الله ﷺ فحلَّه، فقال ﷺ هو الذي يحلني، فجاء رسولُ الله ﷺ فحلَّه، فقال : إِنَّ من تَمام تَوْبَتِي أن أَهْجُرَ دَارَ قَوْمِي الّتِي أصَبْتُ فيها الذَّنْب، وأن أنخَلِعَ من مَالِي، فقال ﷺ :" يَجْزِيكَ الثُّلثُ أنْ تَتَصَّدَّقَ بِه ". ثم قال تعالى :﴿وتخونوا أماناتكم﴾ فيما بينكم، أو فيما أسر الرسول إليكم من السر فتفشوه، ﴿وأنتم تعلمون﴾ أن الخيانة ليست من شأن الكرام، بل هي من شأن اللئام، كما قال الشاعر :
لا يَكتُمُ السرَّ إلا كُلُّ ذِي ثِقَةٍ
فالسرُّ عِنْدَ خِيَارِ النَّاسِ مَكْتُومُ
أو : وأنتم علماء تميزون الحسن من القبيح.
﴿
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢١
واعلموا أنما أموالكم وأولادُكُم فتنةٌ﴾ ؛ لأنه سبب الوقوع في الإثم والعقاب، أو محنة من الله ليبلوكم فيها، فلا يحملنكم حبهم على الخيانة، كما فعل أبو لبابة. ﴿وأنَّ الله عنده أجرٌ عظيم﴾ لمن آثر رضا الله ومحبته عليهم، وراعى حُدود الله فيهم، فعلّقوا هممكم بما يؤديكم إلى أجره العظيم، ورضاه العميم، حتى تفوزوا بالخير الجسيم.
الإشارة : خيانة الله ورسوله تكون بإظهار الموافقة وإبطان المخالفة، بحيث يكون ظاهره حسن وباطنه قبيح، وهذا من أقبح الخيانة، وينخرط فيه إبطان الاعتراض على المشايخ وإظهار الوفاق، فمن فعل ذلك فسيف الشريعة فوق رأسه، إذا كان سالكاً غير مجذوب، لأن من أفشى سر الملك استحق القتل، وكان خائناً، ومن كان خائناً لا يُؤمن على السر، فهو حقيق أن ينزع منه، إن لم يقتل أو يتب، ولله در القائل :
سَأَكْتُم عِلْمِي عَنْ ذَوِي الجَهْلِ طَاقَتِي