وقوله :﴿إلا ما شاء ربك﴾، للناس هنا كلام واختلاف. وأحسن ما قيل فيه ؛ ما ذكره البقاعي، قال : والذي ظهر لي ـ والله أعلم ـ أنه لما تكرر الجزم بالخلود في الدارين، وأن الشرك لا يغفر، والإيمان موجب للجنة، فكان ربما يُظن أنه لا يمكن غير ذلك، كما ظنه المعتزلة، لا سيما إذا تأمل القطع في مثل قوله :﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ﴾ [النساء : ٤٨]، مع تقييد غيره بالمشيئة في قوله :﴿وَيَغفِر مَا دُونَ ذََلِكَ لِمَن يَشَآءُ﴾ جاء هذا الاستثناء معلماً أن الأمر فيه إلى الله كغيره من الأمور، له أن يفعل في كلها ما يشاء، وإن جُزم القوم فيه، لكنه لا يقع غير ما أخبره به، وهذا كما تقول : اسكن هذه الدار عمرك ألا ما شاء زيد، وقد لا يشاء زيد شيئاً. فكما أن التعليق بدوام السماوات والأرض غير مراد الظاهر، كذلك الاستثناء فلا يشاء الله قطع الخلود لأحد من الفريقين، وسوقه هكذا أدل على القدرة وأعظم في تقليد المنة. هـ.
٢٤٣