يقول الحق جل جلاله : وكل نبأ ﴿نقص عليك﴾ من أخبار الرسل، ونخبرك به ﴿ما نثبت به فؤادك﴾، ليزيدك يقيناُ وطمأنينة، وثباتاً بما تسمع من أخبارهم، وما جرى لهم مع قومهم، وما لقوا من الأذى منهم، فتتسلى بهم، وتثبت على أداء الرسالة، واحتمال أذى الكفار. ﴿وجاءك في هذه﴾ السورة، أو الأنباء المقتصة عليك، ﴿الحق﴾ أي : ما هو حق، ﴿وموعظة وذكرى للمؤمنين﴾ فيتحملون، ويصبرون لما يواجههم من الأذى والإنكار.
الإشارة : ذكر أحوال الصالحين، وسيرهم وكراماتهم ؛ جند من جنود القلب، وذكر أشعارهم ومواجيدهم جند من جنود الروح، وقد ورد : أن عند ذكرهم تنزل الرحمة، أي : رحمة القلوب باليقين والطمأنينة. والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٥٢
٢٥٣
يقول الحق جل جلاله :﴿وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم﴾ : حالهم، ﴿إنا عاملون﴾ على حالنا، ﴿وانتظروا﴾ وقوع ما نزل بمن قبلكم ممن خالف رسوله ؛ فإنه نازل بكم، ﴿إنا منتظرون﴾ ما وعدنا ربنا من النصر والعز.
﴿ولله غيبُ السموات والأرض﴾ لا يعلمه غيره ؛ فلا يعلم غيب العواقب، ووقت وقوع المواعد إلا هو. ﴿وإليه يُرجع الأمرُ كلُّه﴾ فيرجع لا محالة أمرهم وأمرك إليه، ﴿فاعبدوه وتوكل عليه﴾ ؛ فإنه كافيك أمرهم وأمر غيرهم. وفي تقديم العبادة على التوكل تنبيه على أنه إنما ينفع التوكل العابد دون البطال. ﴿وما ربك بغافل عما تعملون﴾ أنت وهم، فيجازي كلاّ ما يستحقه. أو عما يعمل الكافرون، فيمهلهم ولا يهملهم.