وشَرَوه} أي : باعه السيارة من الرفقة، أو إخوته، فيكون الضمير راجع لهم. رُوي أن يهوذا كان يأتيه كل يوم بالطعام، فأتاه يومئذٍ فلم يجده فيها، وأخبر إخوته فأتوا الرفقة، وقالوا : هذا غلامنا فاشتروه، وسكت يوسف خوفاً من أن يقتلوه. أو اشتروه من إخوته ؛ لأن شرى قد يستعمل بمعنى اشترى. فاشتراه الرفقة منهم ﴿بثمن بَخْسٍ﴾ ؛ أي : مبخوس، لزيفه أو نقصانه، ﴿دراهم مَعدودةٍ﴾ قليلة، فإنهم يَزنُون ما بلغ الأوقية، ويعدُّون ما دونها. قيل : كان عشرين درهماً. وقيل : اثنين وعشرين. رُوي أن الذي اشتراه منهم مالك بن ذعر المتقدم، وكان صعلوكاً، فسأل يوسف أن يدعو له فدعا له فصار غنياً. رُوي أنه قال لهم : بكم تبيعونه ؟ فقالوا له : إن اشتريته بعيوبه بعناه لك. فقال : وما عيوبه ؟ فقالوا : سارق كذاب، يرى الرؤيا الكاذبة. فقال لهم : بكم تبيعونه لي مع عيوبه ؟ ويوسف عليه السلام ينظر إليهم ولا يتكلم، وهو يقول في نفسه : ما أظنه يقوم بثمني ؛ لأنهم يطلبون أموالاً كثيرة. قال لهم مالك : معي دراهم قليلة تعد ولا توزن، فقالوا له : هاتها. فاشتراه منهم بتلك الدراهم المعدودة. قال ابن عباس : كانت سبعة عشر درهماً، جعل له ذلك جزاء لما قوم نفسه، وظن أنهم يطلبون في الأموال. هـ. ﴿وكانوا فيه من الزاهدين﴾ : الراغبين عنه. يحتمل أن يكون الضمير لإخوته، وزهدهم فيه ظاهر. أو يكون للرفقة فإن بائعين كانوا بائعين فزهدهم فيه لأنهم التقطوه والملتقط للشيء متهاون به خائف من انتزاعه، وإن كانوا مبتاعين فلأنهم اعتقدوا أنه آبق.
٢٦٦


الصفحة التالية
Icon