ولقد هَمَّتْ به وهمَّ بها}، قال ابن جزي : أكْثََرَ الناسُ الكلامَ في هذه الآية، حتى ألفوا فيها التآليف، فمنهم مفرط ومُفرّط ؛ وذلك أن منهم من جعل هَمَّ المرأة وهَمَّ يوسف من حيث الفعل الذي أرادته. وذكروا من ذلك روايات من جلوسه بين رجليها، وحله للتكَّة، وغير ذلك مما لا ينبغي أن يقال به ؛ لضعف نقله ولنزاهة الأنبياء عن مثله، ومنهم من قال : همت به لتضربه على امتناعه، وهَمَّ بها ليقتلها أو يضربها ؛ ليدفعها. وهذا بعيد يرده قوله :﴿لولا أن رأى برهان رَبِّهِ﴾. ثم قال : والصواب ـ إن شاء الله ـ : أنها همت به من حيث مرادُها، وهَمَّ بها كذلك، لكنه لم يعزم على ذلك، ولم يبلغ إلى حد ما ذكر من حل التكَّة، بل كان همه خطرة خطرت على قلبه، ولم يتابِعها، ولكنه بادر إلىالتوبة والإقلاع عن تلك الخطرة، حتى محاها من قلبه، لمَّا رأى برهان ربه. ولا يقدح هذا في عمة الأنبياء ؛ لأن الهم بالذنب لبس بذنب، ولا نقص في ذلك ؛ لأنَّ من هَمَّ بذنب ثم تركه كتب له حسنة. هـ.