ثم قال تعالى :﴿لولا أن رأى برهانَ ربه﴾ لخالطها. والبرهان الذي رأى : قيل : ناداه جبريل : يا يوسف تكون في ديوان الأنبياء، وتفعل فعل السفهاء. وقيل : رأى يعقوب عاضاً على أنامله، يقول : إياك يا يوسف والفاحشة. وقيل : تفكر في قبح الزنى فاسبتصر. وقيل : رأى زليخا غطت وجه صنمها حياءً منه، فقال : أنا أولى أن أستحي من ربي. ﴿كذلك﴾ أي : مثل ذلك التثبيت ثبتناه ؛ ﴿لِنَصْرِِفَ عنه السّوءَ﴾ ؛ خيانة السيد، ﴿والفحشاءَ﴾، الزنى ؛ ﴿إنه من عبادنا المخلَصين﴾ الذين أخلصناهم لحضرتنا. أو من الذين أخلصوا وجهتهم إلينا.
﴿واسْتَبَقَا البَابَ﴾ أي : تسابقا إلى الباب، وابتدرا إليه، وذلك أن يوسف عليه السلام فرَّ منها ؛ ليخرج حيث رأى البرهان، وأسرعت وراءه لتمنعه الخروج، ﴿وقَدّت قميصَه من دُبُرٍ﴾ أي : شقت قميصه من خلف لما اجتذبته لترده. والقدُّ الشق طولاً، والقَطُّ : الشق عرضاً، ﴿وألفيا سيدها﴾ : وصادفاً زوجها ﴿لدى الباب﴾ ؛ وفيه إطلاق السيد على الزوج، وإنما أفرد الباب هنا، وجمعه في قوله :﴿وغلقت الأبواب﴾ لأن المراد هنا الباب البراني الذي هو المخرج من الدار. ﴿قالتْ﴾ لزوجها :﴿ما جزاء من أراد بأهلك سوءاً إلا أن يَسجن أو عذابٌ أليم﴾ ؟ قالته إيهاماً أنها فرت منه ؛ تبرئة لساحتها عند زوجها، وإغراء له عليه ؛ انتقاماً لنفسها لما امتنع منها. ﴿قال هي راودتني عن نفسي﴾ : طالبتني بالمواقعة بها. قال ذلك تبرئة لساحته، ولو لم تكذب عليه ما قاله.


الصفحة التالية
Icon