الإشارة : قد جعل الله رسوله ﷺ أماناً لأمته ما دام حياً، فلما مات ﷺ بقيت سنته أماناً لأمته، فإذا أُميتت سنته أتاهم ما يوعدون من البلاء والفتن، وكذلك خواص خلفائه، وهم العارفون الكبار، فوجودهم أمان للناس. فقد قالوا : إن الإقليم الذي يكون فيه القطب لا يصيبه قحط ولا بلاء، ولا هرج ولا فتن ؛ لأنه أمان لذلك الإقليم، خلافة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٥
يقول الحق جل جلاله :﴿وما كان صلاتهم﴾ التي يصلونها في بيت الله الحرام، ويسمونها صلاة، أو ما يضعون موضعها، ﴿إلا مكاءً﴾ أي : تصفيراً بالفم، كما يفعله الرعاة، ﴿وتصديةً﴾ أي : تصفيقاً باليد، الذي هو من شأن النساء، مأخوذ من الصدى، وهو صوت الجبال والجدران. قال ابن جزي : كانوا يفعلون ذلك إذا صلى المسلمون،
٢٦
ليخلطوا عليهم صلاتهم.
وقال البيضاوي : رُوي أنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة، الرجال والنساء، مشبكين بين أصابعهم، يصفرون فيها ويصفقون، وقيل : كانوا يفعلون ذلك إذا أراد النبي ﷺ أن يُصلي، يخلطون عليه، ويرون أنهم يصلون أيضاً، ومساق الآية : تقرير استحقاقهم العذاب المتقدم في قوله :﴿وما لهم ألا يعذبهم الله﴾، أو عدم ولايتهم للمسجد، فإنها لا تليق بمن هذه صلاته. هـ.
قال تعالى :﴿فذوقوا العذاب﴾ الذي طلبتم، وهو القتل والأسر يوم بدر، فاللام للعهد، والمعهود :(أو ائتنا بعذاب أليم)، أو عذاب الآخرة، ﴿بما كنتم تكفرون﴾ أي : بسبب كفركم اعتقاداً وعملاً.
الإشارة : وما كان صلاة أهل الغفلة عند بيت قلوبهم إلا ملعبة للخواطر والهواجس، وتصفيقاً للوسواس والشيطان، وذلك لخراب بواطنهم من النور، حتى سكنتها الشياطين واستحوذت عليها، والعياذ بالله، فيقال لهم : ذوقوا عذاب الحجاب والقطيعة، بما كنتم تكفرون بطريق الخصوص وتبعدون عنهم. والله تعالى أعلم.